إذن قول المؤلف رحمه الله:(في الحج بعرفة) يَرِدُ عليه سؤال؛ وهو: لو زال الصبا والرق والجنون بعد الدفع من عرفة، ثم رجع فوقف قبل فوات وقت الوقوف فإنه يصح فرضًا، ويتفرع على هذا سؤال: هل يلزمه أن يرجع إذا بلغ قبل فوات وقت الوقوف؟ هذا ينبني على القول بأداء الحج هل يجب على الفور أو لا؟
إن قلنا: يجب على الفور وجب عليه أن يرجع؛ لأنه أمكنه أن يسقط الفريضة، وإن قلنا: على التراخي لم يلزمه، وحينئذٍ إذا استمر يقع الحج منه نفلًا، وصح فرضًا.
قال:(وفعلهما من الصبي والعبد نفلًا) يعني: يصح فعل الحج والعمرة من الصبي، ولكن يكون نفلًا؛ لأن من شرط الإجزاء البلوغ؛ لا يجزئ عن الفرد حتى يبلغ، فإذا حج وهو صغير فالحج في حقه نفل وليس بفرض.
ولم يبين المؤلف رحمه الله كيف يحج الصبي، لم يبين ذلك على وجه التفصيل، فنقول: الصبي إن كان مميزًا فإن وليه يأمره بنية الإحرام، يقول: يا بني أحرم؛ لأنه يميز، وإن كان غير مميز فإن وليه ينوي الإحرام له.
والولي يكون محرمًا إذا نوى الإحرام له، أو يكون الصبي محرمًا؟
يكون الصبي محرمًا، ينعقد الإحرام بنية وليه له، ثم يستمر عند الطواف إذا كان مميزًا يأمره بنية الطواف، يقول: يا بني، الآن نطوف، ثم إن كان قادرًا على المشي مشى، وإن لم يكن قادرًا حمله وليه أو غيره بإذن وليه، ويقال في السعي كما يقال في الطواف، أما الحلق أو التقصير فأمره ظاهر؛ لأنه يمكن أن يحلق رأسه أو يقصر وهو في المهد.
ثم نسأل: هل الأولى أن نحرم بالصغار بالحج والعمرة أو الأولى عدم ذلك؟
نقول: في هذا تفصيل، إن كان في وقت لا يشق فإن الإحرام بهم خير؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله سلم قال للمرأة التي رفعت له الصبي، وسألته هل له حج؟ قال:«نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ»(٣).
أما إذا كان في ذلك مشقة؛ كأوقات الزحام في الحج أو في العمرة في رمضان فالأولى أن لا يفعل؛ لأنه يترتب على ذلك مشقة شديدة على الصبي وعلى؟