ثانيًا: تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة؛ لأن السنة التاسعة من المتوقع أن يحج المشركون -كما حصل، كما وقع- حج المشركون في السنة التاسعة، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يؤخر من أجل أن يتمحض حجه للمسلمين فقط، وهذا هو الذي وقع، فإنه أذَّن في السنة التاسعة: ألَّا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان (٨).
وكان الناس في الأول يطوفون عراة في البيت إلا من وجد ثوبًا من الحُمس من قريش، فإنه يستعيره ويطوف به، أما لغير قريش فإنهم لا يمكن أن يطوفوا بثيابهم؛ يطوفون عراة، وكانت المرأة منهم تطوف عارية، وتضع يدها على فرجها وتقول:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ
وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
أيش هذا؟ تطلعي بيه للناس ولا تحليه للناس! الناس بيشوفون، لهم أعين، لكن هذا الجهل!
على كل حال، الرسول عليه الصلاة والسلام تأخر من أجل الوفود، وهذا هو المتيقن، وتأخر -والله أعلم- لكن علل به بعض العلماء من أجل أن يتمحض حجه مع المسلمين خاصة لا مع المشركين، وعلى هذا فنقول: الصحيح أن الحج فرض في السنة التاسعة من الهجرة؛ لأنه جاء في آل عمران في أولها، وأول آل عمران كله في محاجة الوافدين الذين يقدمون على الرسول عليه الصلاة والسلام.
إذن الصواب أنه واجب على الفور، وأنه لا يجوز للإنسان الذي تمت بحقه شروط الوجوب أن يتأخر، هذا هو الصحيح.
يقول:(فإن زال الرق والجنون والصبا في الحج بعرفة وفي العمرة قبل طوافها صح فرضًا).
أولًا: قال: (فإن زال الرق)، أفادنا المؤلف رحمه الله بقوله:(فإن زال الرق) أن الرقيق يصح منه الحج، أليس كذلك؟ أجيبوا.