للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بل واجب على التراخي، فهو كالصلاة في الوقت؛ إن شئت صلها في أول الوقت، وإن شئت صلها في آخر الوقت، والعمر هو زمن الحج، فإن شئت فحجَّ في أول العمر، وإن شئت ففي آخره.

واستدلوا أيضًا بأن الله فرض الحج والعمرة في السنة السادسة، ولم يحج النبي عليه الصلاة والسلام إلا في السنة العاشرة.

ولكن الصحيح أنه واجب على الفور لما علمت من الأدلة الثلاثة.

وأما القول بأن عمر الإنسان كله وقت للحج فهذا صحيح، لكن من يضمن أن يبقى إلى السنة الثانية مثلًا؟ لا يضمن أحد، أما الصلاة فوقتها قصير؛ فلذلك وسِّع فيها.

ثم نقول أيضًا: الاستدلال بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] غير صحيح؛ لأن هذا ليس أمرًا بهما ابتداءً، ولكنه أمر بهما، بأيش؟

طلبة: بالإتمام.

الشيخ: بالإتمام، أمر بإتمامهما، وفرق بين الابتداء والإتمام.

أما فرض الحج فالصواب أنه فرض في السنة التاسعة، ولم يفرضه الله تعالى قبل ذلك؛ لأن فرضه قبل ذلك ينافي الحكمة، كيف هذا؟ إذا كانت قريش منعت الرسول عليه الصلاة والسلام من العمرة فمن الممكن ومن المتوقع أن تمنعه من الحج، ومكة قبل الفتح بلاد كفر، لكن لما تحررت من الكفر بعد الفتح صار إيجاب الحج على الناس موافقًا للحكمة، ففرض في السنة التاسعة من الهجرة.

فإن قيل: لماذا لم يحج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التاسعة وأنتم تقولون: على الفور؟

نقول: لأسباب:

السبب الأول: كثرة الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنة؛ السنة التاسعة؛ ولهذا تسمى السنة التاسعة عام الوفود.

ولا شك أن استقبال المسلمين الذين جاؤوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ليتفقهوا في دينهم لا شك أنه أمر مهم، بل قد نقول: إنه واجب على الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ليبلغ الناس. هذه واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>