فهذه الأقسام الآن؛ قادر بماله وبدنه، ببدنه دون ماله، بماله دون بدنه، عاجز بالمال والبدن.
يقول:(في عمره مرة) ولَّا (مرة في عمره) أيش عندكم؟
طلبة: عندنا (في عمره مرة).
الشيخ: إي، حقيقة لو قدم (مرة) كان أحسن.
(مرة) يعني: واجبان مرة في العمر؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل عن الحج: أفي كل عام؟ قال:«الْحَجُّ مَرَّةٌ، فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ»(٥).
ولأن الله أطلق، فقال:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧]، ولم يقل: كل سنة، فدل ذلك على أن الحج واجب مرة واحدة إلا لسبب كالنذر، فمن نذر أن يحج وجب عليه أن يحج؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ»(٦).
وقوله:(مرة) دليله ما ذكرناه؛ يستفاد منه فائدة عظيمة؛ وهو أن من مرَّ بالميقات، وقد أدى الفريضة -المرة- فإنه لا يلزمه الإحرام، وإن بعُد مجيئه لمكة؛ يعني مثلًا: له أربع سنين، خمس سنين، ما ذهب إلى مكة، ثم ذهب إلى مكة لحاجة تجارة أو زيارة أو ما أشبه ذلك، ومرَّ بالميقات فإنه لا يلزمه أن يحرم؛ لماذا؟ لأن الحج والعمرة إنما يجبان مرة واحدة، ولو ألزمناه بالإحرام لألزمناه بزائد عن المرة، وهذا خلاف النص.
قال:(على الفور) يعني: يجب على الفور، ما هو الدليل؟ أن الأصل في الأمر أن يكون على الفور، هذا الأصل؛ ولهذا غضب النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة الحديبية حين أمرهم بالإحلال وتباطؤوا (٧)، غضب عليهم.
ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له؛ قد يكون الآن قادرًا على أن يقوم بأمر الله، وفي المستقبل عاجزًا.
ولأن الله أمر بالاستباق إلى الخيرات؛ قال:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}[البقرة: ١٤٨]، والتأخير خلاف ما أمر الله به، فالأدلة على أنه على الفور متعددة، وهذا هو الصواب؛ أنه واجب على الفور.