للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبو بكر رضي الله عنه حرَّقهم بالنار، وعبد الله بن الزبير حرقهم بالنار؛ اللوطية، وكذلك عبد الملك حرَّقهم بالنار (٦)؛ لأن فعلتهم هذه فعلة من أقبح المنكرات؛ ولهذا قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: ٣٢]، {فَاحِشَةً} يعني: من الفواحش، نكرة، لكن في اللواط قال لوط لقومه: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف: ٨٠] الفاحشة، كأنها بلغت في الفحش غايته وأعلاه، والعياذ بالله.

فالصواب بلا شك: أن اللواط موجب للقتل، ويقتله الإمام بما يرى أنه أردع عن هذه الفعلة الخبيثة؛ لأن هذه الفعلة مشكل ما يمكن التحرز منها إطلاقًا، لكن الزنا قد يتحرز منه؛ فإن الرجل إذا وجد معه امرأة قلت: ما هذه المرأة؟ لكن رجل معه رجل، ماذا نقول؟

وهذا كما قالوا أيضًا: إن قتل الغيلة موجب للقتل بكل حال ولو عفا أولياء المقتول؛ لأن قتل الغيلة لا يمكن التحرز منه، وهذه الفاحشة كذلك.

فالحاصل: أن مس الأمرد إذا قلنا بأن مس المرأة بشهوة موجب للوضوء فمس الأمرد كذلك.

قال: (ولا مع حائل) يعني: ولا المس مع حائل، لماذا؟ لأن المس حقيقته الملامسة بدون حائل.

قال: (ولا ملموسٍ بدنُه) هذا رجل يمس امرأته لشهوة، لكن هي امرأة عجوز كبيرة باردة الشهوة ما تشتهي إطلاقًا، ويمس بشرتها لشهوة ينتقض وضوؤه وهي لا ينتقض وضوؤها؛ لأن ما عندها الشهوة.

لكن الغريب قال المؤلف: (ولو وُجِد منه شهوة) لو وُجِد منه شهوة فإنه لا ينتقض ليش؟ قال: لأن هذا لامس وهذا ملموس، فإذن لا ينتقض الوضوء.

امرأة مع زوجها وهي شابة وهو شاب ويقبلها لشهوة، وهي كذلك تشتهي متلذذة معه، نقول: هو يتوضأ وهي لا تتوضأ، مع أن العلة واحدة!

ولهذا القول الصحيح في هذه المسألة: أن الملموس إذا وجد منه شهوة انتقض وضوؤه، على القول بأن اللامس ينتقض وضوؤه، وهو القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>