للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: يمكن، لكن بعيد، رجل يقبِّل امرأته يكون تقبيله بغير شهوة! هذا بعيد جدًّا، ثم إن عائشة رضي الله عنها يظهر أنها استدلت بذلك على أن القبلة لا تنقض الوضوء.

واستدلوا أيضًا بأن عائشة كانت تنام بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل، فإذا أراد أن يسجد غمزها (١)، قالوا: وهذا دليل على أن المس لا ينقض الوضوء.

لكن هذا ليس دليلًا، ولا يصح أن يكون دليلًا، لماذا؟ لأن الشهوة هنا بعيدة جدًّا، نعم هو دليل على من يقولون: إن المس ناقض مطلقًا، هذا صحيح؛ إذا كان الرسول يمس بشرتها عند غمزه إياها بدون حائل.

وأما التعليل -وهو تعليل قوي- فقالوا: إن الوضوء حين تمَّ صحَّ بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي ما يجوز أن يرفع إلا بدليل شرعي، وهذا كلام سليم ولَّا غير سليم؟ هذا كلام سليم، لا شك فيه، والأصل عدم النقض.

لكن إذا قال قائل: عندنا دليل شرعي؛ الآية الكريمة: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هذا دليل شرعي، وعندنا تعليل؛ وهو أن مس المرأة لشهوة مظنة الحدث، فوجب أن ينتقض الوضوء به.

إذن لا بد أن نجيب على هذا الدليل، وإلا صار الحق مع من يقول: إن المس ينقض الوضوء؛ إما مطلقًا، أو لشهوة.

أجابوا عن هذا قالوا: إن الآية الكريمة يراد بالملامسة فيها: الجماع، ويش الدليل؟ ترى الدليل تفسير ابن عباس رضي الله عنهما الذي دعا له النبي عليه الصلاة والسلام أن يعلمه الله التأويل (٤)، وقد فسرها بالجماع، وهو أولى من يؤخذ قوله في التفسير، إلا أن يعارضه من هو أرجح منه.

ثم إن هناك دليلًا من تقسيم الآية الكريمة، الآية الكريمة فيها تقسيم؛ تقسيم للطهارة: أصلية وبدل، وتقسيم للطهارة: كبرى وصغرى، وتقسيم لأسباب الطهارة: الصغرى والكبرى، فهنا ثلاث جهات، الآية فيها مقسمة ولَّا لا؟ طهارة أصلية وبدل، والثانية: صغرى وكبرى، والثالث: سبب أصغر وسبب أكبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>