للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه، فإذا مس المرأة بيده أو رجله أو ذراعه أو أي مكان من البدن، منه أو منها، فإن الوضوء ينتقض إذا كان بشهوة.

بعد هذا نقول: ما هو الدليل على أن مس المرأة لشهوة ينقض الوضوء؟

الدليل على ذلك قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: ٦]، وفي قراءة سبعية: {أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ}، واللمس: هو الجس باليد أو بغيرها؛ أدني ملامسة؛ ولأن مسها لشهوة مظنة الحدث بخروج شيء قد لا يعلم به، وما كان مظنة فإنه يُلحق بالْمَئِنَّة؛ بالعلم، بدليل النوم؛ لما كان مظنة الحدث كان موجبًا للوضوء، فعندنا الآن دليل وتعليل.

وبناءً على ذلك نكون قد قيدنا الآية الكريمة؛ لأننا لو أخذنا بظاهرها {أَوْ لَمَسْتُمُ} لكانت شاملة للمس بشهوة أو بغير شهوة، لكنا قيدناها بالذي لشهوة؛ لأنه مظنة الحدث، وهذا فيه خلاف بين الأصوليين؛ هل يُخَص العموم بالعلة أو لا يخص؟ وليس هذا موضع البحث، وهذا ما استدل به من قال: إن مس المرأة لشهوة ينقض الوضوء.

والمسألة فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم، هذا أحدها، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد.

القول الثاني: أن مس المرأة ينقض مطلقًا لشهوة أو لغير شهوة؛ أي امرأة يمسها رجل لشهوة أو لغير شهوة من محارمه أو من غير محارمه فإن وضوءه ينتقض، حتى لو تصافح امرأة انتقض وضوؤك؛ لعموم قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، ما في الآية قيد، فيجب أن نأخذ بعمومها.

القول الثالث: أنه لا ينتقض الوضوء مطلقًا، عكس القول الثاني، واستدلوا لذلك وعللوا أيضًا.

أما استدلالهم فقالوا: إن عائشة رضي الله عنها أخبرت أن النبي صلى عليه وسلم قبَّل بعض نسائه، وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ (٢)، ولو كان اللمس ناقضًا لتوضأ الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلي، فقولها: خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، يدل على أنه لم ينتقض وضوؤه.

فإن قيل: أفلا يمكن أن يكون هذا التقبيل لغير شهوة؟

طالب: يمكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>