الأول: مَنْ لا يتأثَّر بالصوم؛ مِثل الزُّكامِ اليسيرِ، وجعِ الرأسِ اليسيرِ، وجعِ الضِّرسِ، وما أَشْبه ذلك؛ فهذا لا يَحِلُّ له أن يُفطر، وإنْ كان بعضُ العلماء قال: يَحِلُّ له؛ لعموم قوله:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا}[البقرة: ١٨٥]. ولكننا نقول: إنَّ هذا الحكْمَ مُعَلَّلٌ بعِلَّةٍ وهي أنْ يكون الفِطر أَرْفَقَ له، فحينئذٍ له الفِطر، أمَّا إذا كان لا يتأثَّر فإنه لا يجوز له الفِطر ويجب عليه الصوم.
الحالُ الثانية: المريضُ الذي يشقُّ عليه الصومُ ولا يضرُّهُ، فهذا يُكره له أنْ يصوم، ويُسَنُّ له أن يُفطر.
الحالُ الثالثة: أنْ يضرَّهُ الصومُ؛ كرجُلٍ مصابٍ بمرضِ الكُلَى أو بمرضِ السُّكَّرِ وما أَشْبَهَ ذلك؛ فالصومُ عليه حرامٌ، ولا يحلُّ له أنْ يصوم.
ولكنْ لو صامَ في هذه الحالِ هلْ يُجزئه الصوم؟
قال أبو محمَّدٍ ابنُ حزمٍ رحمه الله: لا يُجزِئه الصوم؛ لأن الله تعالى جعلَ للمريض عِدَّةً من أيامٍ أُخَر، فإذا صامَ في مرضِهِ فهو كالقادرِ الذي يصومُ في شعبان؛ لأنه لم يأتِ وقتُ صومِهِ بعدُ، وقْتُ صومِهِ إذا عُوفِيَ، فإذا صامَ في مرضِهِ فقد صامَ قبل وقْتِهِ فلا يُجزئه، وحينئذٍ يَلْزمه القضاء.
وقولُ أبي محمدٍ على القاعدة المشهورة أنَّ ما نُهِيَ عنه لِذَاتِهِ فإنه لا يُجزئ، لا يَقَعُ مُجزِئًا، فإذا قُلنا بالتحريم فإنَّ مقتضى القواعدِ أنه إذا صامَ لا يُجزِئُهُ؛ لأنه صومٌ مَنْهِيٌّ عنه كالصوم في أيامِ التشريقِ وكالصوم في أيامِ العيدينِ لا يَحِلُّ ولا يصِحُّ، وبهذا نعرفُ خطأ بعضِ المجتهدين المرضى الذين يشقُّ عليهم الصومُ، وربما يضرُّهم الصومُ، ولكنهم يأبَوْن أنْ يُفطِروا، نقول: هؤلاء أخطؤوا حيثُ لم يَقْبلوا كَرَمَ اللهِ عز وجل، لم يَقْبلوا رُخصته وأضرُّوا بأنفسهم، واللهُ عز وجل يقول:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}.
إذَنالصوابُ في قول المؤلف:(وسُنَّ لمريضٍ يضرُّهُ)، الصواب أيش؟