فيُقال: وجْهُ السقوطِ عدمُ القُدرة، وليس كالمريض الذي قال الله تعالى فيه:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤]؛ لأن المريض يُرجَى بُرْؤُهُ وهذا لا يُرجَى، فسقط وجوبُ الصومِ عنه للعجزِ عنه.
المسألة الثانية: ما هو الدليلُ على وجوب الفِدية؟ لأنَّه إذا سَقَطَ عنه وجوبُ الصومِ للعجْزِ عنه فإنه قد امتثلَ أمرَ اللهِ في قوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، فما الدليلُ على وجوب الفِدية؟
قُلْنا: الدليلُ على ذلك أنَّ ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال في الشيخِ والشيخةِ -يعني الكبيرينِ- إذا لم يُطِيقا الصومَ: يُطعِمانِ عن كلِّ يومٍ مسكينًا (١)، واستدلَّ بقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة: ١٨٤]، استدلَّ بهذه الآية، الحكْم صادرٌ من صحابيٍّ، ومعلومٌ خلافُ العلماء في قول الصحابي هلْ هو حُجَّةٌ أو ليس بِحُجَّة، لكنه هنا قولُ صحابيٍّ في تفسير آيةٍ، وإذا كان في تفسير الآية فقد ذهب بعضُ العلماء إلى أنَّ تفسير الصحابيِّ له حُكْم الرفعِ، وإنْ كان هذا القولُ ضعيفًا، لكنْ لا شكَّ أنه إذا حَكَمَ واستدلَّ بالآية فإن استدلاله بالآيات أصحُّ من استدلالِ غيرِهِ، فما وجْهُ الدلالة من الآية؟ إذْ يُمكن لكلِّ واحدٍ أن يقول: إنَّ الآية يقول الله فيها: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}، والكبير لا يُطيق، فكيف استدلَّ ابنُ عباسٍ بهذه الآية على الذي لا يُطيق؟