لأنه ليس بمكلَّف؛ لعدمِ وجودِ سَبَبِ الوجوبِ، بخلافِ مَنْ عَلِمَ أنه يقدم غدًا فإنه يَلْزمُهُ الإمساك؛ لأن سببَ الوجوبِ موجودٌ في حقِّه فلَزِمَهُ، والصحيح في المسألتينِ أنه لا يَلْزمه الإمساكُ فيهما.
خلاصةُ البحثِ هذا:
أولًا: إذا تجدَّد سببُ الوجوب، والثاني: إذا زالَ المانع.
في المسألة الأولى: إذا تجدَّدَ سببُ الوجوبِ فإنه يجبُ الإمساك، ولا يجب القضاءُ على الصحيح، والمذهب: يجب الإمساكُ والقضاءُ، مثاله: مَنْ بَلَغَ في أثناء النهار، أو مجنونٌ عقلَ في أثناء النهار.
المسألة الثانية: إذا زالَ المانعُ في أثناء النهار فالمذهب: يَلْزم الإمساكُ والقضاءُ. والصحيحُ أنه يَلْزم القضاءُ دون الإمساك.
***
ثم قال المؤلف رحمه الله:(ومَنْ أفطرَ لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَطْعَمَ لكُلِّ يومٍ مسكينًا).
(مَنْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ) اللام هنا للتعليل؛ أي: بسببِ الكِبَر؛ فإنَّ الإنسانَ إذا كَبِر يشقُّ عليه الصوم، والكِبَر لا يُرجَى بُرْؤُهُ، أليس كذلك؟ لأنَّ الرجوع إلى الشباب متعذِّر.
لَيْتَ وَهَلْ يَنْفَعُ شَيْئًا لَيْتُ
لَيْتَ شَبَابًا بُوعَ فَاشْتَرَيْتُ
فالكبير لا يُمكن أنْ يرجع شابًّا، فإذا أفطرَ لِكِبَرٍ فإنه ميؤوسٌ مِن قُدرته على الصوم فيَلْزمه الفدية.
كذلك مَنْ أفطرَ لمرضٍ لا يُرجَى بُرْؤُهُ، ويُمثِّل كثيرٌ من العلماء فيما سبق بالسِّلِّ؛ يقولون: إنه لا يُرجَى بُرْؤُه، لكن المثال في الوقت الحاضر غير صحيحٍ، لماذا؟ لأن السِّلَّ صار مما يُمكن بُرْؤُه، لكنْ يُمكن أنْ نُمثِّل في الوقت الحاضر بأيش؟
طلبة: بالسرطان.
الشيخ: بالسرطان، نسأل الله العافية؛ فإنَّ السرطان لا يُرجَى بُرْؤُه، فإذا مَرِضَ الإنسانُ بمرضِ السرطانِ وعَجَزَ عن الصومِ صار حُكمه حكْمَ الكبير الذي لا يستطيع الصوم، يَلْزمه فديةٌ عن كل يوم.