للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني في المسألة: أنه لا يلزمه الإمساك، وإنما يلزمه القضاء؛ لأن هذا يجوز له أن يُفطر في أول النهار ظاهرًا وباطنًا، وعليه فيكون الفرق بين هاتين المسألتين والمسألة الأولى أو المسألتين الأوليين، الفرق بينهما أنه في المسألتين الأوليين وجد سبب الوجوب، وفي الأخريين زال المانع، فالفرق بينهما إذن أن المسألتين الأوليين من باب وجود سبب الوجوب، والأخريين من باب زوال المانع، وإلا فإن الحائض والنفساء والمسافر كل منهم يلزمه الصوم، فسبب الوجوب متحقق بحقه، لكن وُجد المانع، فنحن نقول: هؤلاء الثلاثة لا يجب عليهم الصوم لوجود المانع، فإذا كان يحل لهم الأكل والشرب في أول النهار، فليكن كذلك في آخر النهار.

وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه فيما ذكره عنه في المغني: مَن أكل أول النهار فليأكل آخر النهار (١٢).

هنا مسألة الثالثة مثل هذه وهي ما إذا برئ المريض فإنه يلزمه على المذهب الإمساك والقضاء، إذا برئ في أثناء النهار، لزمه الإمساك لزوال المانع، والقضاء؛ لأنه لم ينوِ من قبل الفجر، والصحيح أنه لا يلزمه الإمساك، وإنما يلزمه القضاء فقط، فهذه ثلاث مسائل، بل أربع مسائل: الحائض إذا طهرت في أثناء النهار، النُّفساء إذا طهرت في أثناء النهار، المسافر إذا قدم مفطرًا، المريض إذا برئ مفطرًا، فهؤلاء الأربعة كلهم يلزمهم شيئان: الإمساك، والقضاء، والصحيح أنه لا يلزمهم إلا القضاء.

وبناء على ذلك لو قدم الإنسان بلده مفطرًا ووجد امرأته قد اغتسلت من الحيض لطُهرها في أثناء النهار فإنه يجوز له جماعها، وعليه يلغز بها فيقال: رجلٌ مكلَّف، بالغ، عاقل، مقيم، قادر جاز له أن يجامع في أثناء النهار في رمضان، فما هذه الصورة؟ نقول: هذه الصورة فيما إذا قدم المسافر مفطرًا ووجد امرأته قد طهرت من الحيض في أثناء النهار، فإنه يجوز له أن يجامعها ولا شيء عليه، وهذا هو القول الراجح كما علمتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>