للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (فيخرج عن نفسه وعن مسلم يمونه) يخرج عن نفسه وجوبًا؛ لقول ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زكاة الفطر على الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى من المسلمين (١٣) يخرج عن نفسه (وعن مسلم يمونه) يعني المسلم ينفق عليه مثل الزوجة والأم والأب والابن والبنت وما أشبه ذلك ممن ينفق عليهم، فيجب عليه الإخراج عنهم؛ لحديث: «أَدُّوا الْفِطْرَةَ عَمَّنْ تَمُونُونَ» (١٥) يعني عمن تقومون بمؤونته، ولكن هذا الحديث ضعيف سندًا وهو منقطع أيضًا مرسل، فلا يصح الاحتجاج به، ولهذا كان الصحيح أن زكاة الفطر واجبة على كل إنسان بنفسه، فتجب على الزوجة بنفسها وعلى الأب بنفسه وعلى الابن بنفسه وعلى البنت بنفسها، وهكذا؛ لأن حديث ابن عمر يدل على أنها فرض على كل مسلم فرضها على الذكر والأنثى والحر والعبد والصغير والكبير من المسلمين، والأصل أن الفرض يجب على كل واحد بعينه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، وهنا لو قلنا بأنها تجب على الشخص لمن يمونه للزم من ذلك أن تزر وازرة وزر أخرى.

فالصحيح من أقوال أهل العلم أن الزكاة لا تجب ( ... ) شخص لمن يمونه من زوجة أو أقارب، لكن لو أخرجها عنهم وهم برضاهم يشاهدون ذلك فلا بأس لا حرج كما لو قضى الإنسان دينًا على غيره وهو ساكت وراض بذلك فلا حرج.

أما أن نلزم الرجل نقول: عليك أن تؤدي الزكاة عن زوجتك بنتك وعن ابنك فلا.

وينبني على هذا إذا كان هؤلاء القوم لا يجدون زكاة، أي زكاة فطر، فهل يأثم من يمونهم أو لا؟ إن قلنا بأنها واجبة عليه أثم، وإن قلنا بالقول الثاني لم يأثم، وهم لا يأثمون لعدم وجودها عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>