الزكاة في عرض التجارة واجبة لدخولها في عموم قوله تعالى:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم}[الذاريات: ١٩] وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(٧) فقال: «فِي أَمْوَالِهِمْ» ولا شك أن عروض التجارة مال.
فإن قال قائل: إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»(٨)؟
قلنا: نعم قال ذلك ولكنه لم يقل: ليس في العروض التي لا تراد بعينها وإنما تراد بقيمتها؛ لم يقل: إنه ليس فيها زكاة. «فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ» كلمة مضافة إلى الإنسان للاختصاص، يعني الذي جعله خاصًّا به يستعمله وينتفع به العبد والفرس والثوب والبيت الذي يسكنه والسيارة التي يستعملها ولو للأجرة، كل هذه ليس فيها زكاة؛ لأن الإنسان اتخذها لنفسه، لم يتخذها ليتجر بها، يشتريها اليوم ويبيعها غدًا، ولكن اتخذها لنفسه، فليس فيها زكاة «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»، وعلى هذا فمن استدل بهذا الحديث على عدم وجوب زكاة العروض فقد أبعد.