نقول: فيه هذا التفصيل أيضًا، إذا كنا نعوده من أجل أن نعرض عليه التوبة ونرجو منه التوبة، فعيادته مشروعة إما وجوبًا وإما استحبابًا، وإلا فإن الأفضل ألا نعوده، وقد يقال: بل عيادته مشروعة ما دام لم يخرج من وصف الإيمان أو الإسلام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام:«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ»(١٠). وذكر منها عيادة المريض.
هل يشمل القريب والبعيد، يعني: القريب لك بصلة قرابة، أو مصاهرة، أو مصادقة، والبعيد، أو يختص بمن بينك وبينه صلة؟
الجواب: يعم؛ لأن هذا حق مسلم على مسلم، لا قريب على قريب، ولكن كلما كانت الصلة أقوى كانت العيادة أشد إلحاحًا وطلبًا، ومن المعلوم أنه إذا مرض أخوك الشقيق فليس كمرض ابن عمك البعيد، وكذلك إذا مرض من بينك وبينه مصاهرة يعني: صلة بالنكاح، فليس من ليس بينك وبينه مصاهرة، كذلك من بينك وبينه مصادقة ليس كمن ليس بينك وبينه مصادقة. على كل حال الحقوق هذه تختلف باختلاف الناس.
نرجع الآن إلى أصل الحكم، قول المؤلف:(تسنّ) ظاهره أنَّها سنة في حق جميع الناس، ولكن هذا ليس على إطلاقه؛ فإن عيادة المريض إذا تعينت برًّا أو صلة رحم صارت واجبة، لا من أجل المرض، ولكن من أجل القرابة، فهل يمكن أن نقول لشخص مرض أبوه: إن عيادة أبيك سنة، لا، نقول: واجبة؛ لأنها يتوقف عليها البر، أو إن عيادة أخيك المريض سنة، لا يتوقف عليها البر، فهذا يكون الوجوب ليس من أجل المرض، ولكن من أجل الصلة في القرابة.