فنحن لا نمنعهم أن ينفردوا عنا بمكان، لا أن ينفردوا بيوم، لو قالوا: نحن نريد أن ننفرد باليوم أنتم يوم الأحد ونحن يوم الإثنين أو بالعكس، فإننا لا نوافقهم، لماذا؟ لأنه ربما ينزل المطر في اليوم الذي استسقوا فيه، فيكون في ذلك فتنة، ويقال: هم الذين على حق.
ومثل ذلك أهل البدع؛ لو أن أهل البدع طلبوا منا أن ينفردوا بمكان أذنَّا لهم، فإن طلبوا أن ينفردوا بزمان منعناهم؛ لأننا إذا منعنا أهل الذمة مع ظهور كفرهم، فمنعنا لأهل البدع من باب أولى، لو جاءنا قوم من الصوفية وقالوا: نحن نريد أن نستسقي في يوم الإثنين وأنتم يوم الأحد قلنا: لا، أو من الرافضة قالوا: نحن نريد أن نستسقي يوم الإثنين وأنتم يوم الأحد. قلنا: لا؛ لأنه لو صادف أن ينزل المطر في يوم استسقائهم حصل بذلك مفسدة كبيرة.
فإن قال قائل: هل هذا أمر ممكن أو أمر فرضي؛ أي: أن ينزل المطر في يوم يستسقي فيه أهل الذمة أو أهل البدع، هل هو أمر فرضي أو أمر قد يقع؟
فالجواب: أنه أمر قد يقع.
فإن قال قائل: كيف يقع وفيه فتنة وإغراء بهذا المذهب الباطل، أو هذا الدين الباطل؟ فالجواب: أن ذلك من الفتن التي يفتن الله بها عباده، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن، قد يفتن الله العباد بشيء يكون سببًا في ضلالهم من حيث لا يشعرون، فإن طلب أهل الذمة أن يخرجوا معنا، قالوا: نحن لا نريد الانفراد لا بالمكان، ولا بالزمان
فإننا لا نمكنهم لقول الله تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال: ٢٥].