للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندي يقول: (ويُباح التوسل بالصالحين)، وهذه عبارة على إطلاقها فيها نظر، ولكنهم يريدون بذلك -رحمهم الله- التوسل بدعائهم، بدعاء الصالحين؛ لأن دعاء الصالحين أقرب إلى الإجابة من دعاء غير الصالحين.

ودليل هذه المسألة -أعني التوسل بدعاء الصالحين- ما حصل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين خرج يستسقي ذات يوم فقال: اللهم إنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا لنتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم يا عباس فادعُ الله، فقام فدعا فسقاهم الله (٣).

وأما التوسل بالصالحين بذواتهم، فهذا لا يصح؛ وذلك لأن التوسل فعل ما يكون وسيلة للشيء، وذات الصالح ليست وسيلة للشيء ما هي العلاقة بين دعائي وبين ذات الرجل الصالح؟ !

وأقبح من ذلك أن يتوسل بالقبور؛ فإن هذا قد يؤدي إلى الشرك الأكبر، ودعاء أهل القبور.

ثم قال المؤلف: (وإن خرج أهل الذمة منفردين عن المسلمين لا بيوم لم يُمنعوا) أهل الذمة هم الذين بقوا في بلادنا، وأعطيناهم العهد والميثاق على حمايتهم ونصرتهم بشرط أن يبذلوا الجزية، وقد كان هذا موجودًا حين كان الإسلام عزيزًا، أما اليوم فإنه متعذر إلا أن يشاء الله في المستقبل.

لكن على كل حال إذا طلب أهل الذمة أن يستسقوا بأنفسهم منفردين عن المسلمين بالمكان لا باليوم فإنه لا بأس فيه، مثل أن يقولوا: نحن نخرج للشمال -شمال البلد- وأنتم في جنوب البلد، فإننا نمنحهم ذلك، وإن كانت صلاتهم باطلة ودعاؤهم باطلًا، ولكن إذا دعا المضطر ربه عز وجل فإنه يجيب دعاءه، ولو كان مشركًا، ولو علم الله أنه سيشرك بعد النجاة كما قال الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: ٦٥]، فينجيهم الله عز وجل؛ لأنه يجيب دعوة المضطر ولو كان كافرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>