أهل الذمة، هل هم كل كافر عقدنا معه الذمة؟ أو يختص بجنس معين من الكفار؟ المذهب يختص بجنس معين من الكفار، وهم ثلاثة: اليهود، والنصارى، والمجوس. والصحيح أنه عام لكل كافر، كل كافر أبى الإسلام ورضخ للجزية، فإننا نعقد معه الذمة؛ لأن حديث بريدة بن الحصيب الذي ثبت في صحيح مسلم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام له من جملة ما ذكر أنه إذا نزل على أهل حصن وأبوا الإسلام فإنه يطلب منهم الجزية (٤).
قال المؤلف رحمه الله:(فيصلي بهم ركعتين)(يصلي) الفاعل الإمام، (ثم يخطب واحدة).
قال: يصلي ثم يخطب. فأفادنا أن الخطبة تكون بعد الصلاة كالعيد، ولكن قد ثبتت السنة أن الخطبة تكون قبل الصلاة، كما جاءت السنة بأنها تكون بعد الصلاة.
وعلى هذا فتكون خطبة الاستسقاء قبل الصلاة وبعدها، ولكن إذا خطب قبل الصلاة لا يخطب بعدها، يعني لا يجمع بين الأمرين؛ إما أن يخطب قبل، وإما أن يخطب بعد.
(ثم يخطب خطبة واحدة يفتتحها بالتكبير) ومن هنا خالف العيد، خالفت صلاة الاستسقاء صلاة العيد؛ لأن العيد على المذهب يَخطب لها خطبتن.
قال:(يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد) وقد سبق أن خطبة العيد يفتتحها بالتكبير على المشهور من المذهب، وأن في المسألة خلافًا، وأن من العلماء من قال: يفتتحها بالحمد كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في جميع خطبه، وهكذا نقول في خطبة الاستسقاء، بل لو قال قائل: إن خطبة الاستسقاء تُبدأ بالحمد بخلاف خطبة العيد لكان متوجهًا؛ لأن خطبة العيد تأتي في الوقت الذي أُمرنا فيه بكثرة التكبير.
قال:(ويُكثر فيها الاستغفار)، وهو طلب المغفرة، فيقول: اللهم اغفر لنا، اللهم إنا نستغفرك، وما أشبه ذلك، والمغفرة هي ستر الذنب والعفو عنه؛ يعني أن يستر الله الذنب ويعفو عنه فلا يؤاخذك به، مأخوذة من (المِغْفر)، وهو الذي يضعه المقاتل على رأسه اتقاء السهام، لئلا تصيبه السهام، ومعلوم أن المغفر يحصل به أمران: الستر والوقاية.