قال:(ويخرج متواضعًا متخشعًا متذللًا متضرعًا) هذه كلها أوصاف تدل على أن الإنسان لا يخرج في فرح وسرور؛ لأن المقام لا يقتضيه، يخرج متواضعًا بقلبه وهيئته وقوله، والتواضع معروف، حتى إنك ترى الرجل وتعرف أنه من المتواضعين، وترى الرجل وتعرف أنه من المتكبرين، متواضعًا لمن؟ للحق، وللخلق.
كذلك متخشعًا، الخشوع سكون الأطراف، وأن يكون على الإنسان وقار وهيبة متذللًا من الذل، وهو الهوان؛ بمعنى أن يضع من نفسه، وهو قريب من التواضع، لكنه أشد؛ لأن الإنسان يرى نفسه أنه ذليل أمام الله عز وجل.
متضرعًا، التضرع يعني الاستكانة أو شدة الإنابة إلى الله عز وجل:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف: ٥٥]، يعني في شدة اللجوء إلى الله عز وجل.
ودليل هذه الأوصاف قول ابن عباس رضي الله عنهما: خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللًا متواضعًا متخشعًا متضرعًا (٢).
قال:(ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ والصبيان المميزون) معه أهل الدين والصلاح؛ لأن هؤلاء أقرب إلى إجابة الدعوة.
وقوله:(الدين والصلاح) من باب عطف المترادفين؛ لأن كل صاحب دين فهو صاحب صلاح.
وقوله:(الشيوخ) الكبار الذين أمضوا أعمارهم في الدين والصلاح؛ لأنهم أقرب إلى الإجابة، ومعه الصبيان المميزون، الصبيان المميزون الذين لم يبلغوا؛ لأنه لا ذنوب لهم، فيكونون أقرب إلى الإجابة ممن ملأت الذنوب صحائفهم.
وقوله:(المميزون) خرج به الصغار، الصغار الذين لم يميزوا؛ فإنهم لا يخرجون؛ لأنه ربما يحصل منهم من الأذية والصياح والبكاء أكثر مما يحصل من المنفعة.
وقول المؤلف:(معه)، ظاهر كلامه أنهم يصحبونه في الممشى، لأنه قال:(يخرج ومعه).
ويحتمل أنه أراد المعية في الصلاة، لا في كونهم يخرجون مصاحبين له في سيره إلى المسجد، وهذا هو الأقرب أن المراد بالمعية هنا المعية في الصلاة؛ لأنها هي المقصودة.