ثانيًا: أن يعلم أن العفو والإصلاح فيه خير كثير للعافِي، وأنه لا يزيده ذلك العفو إلا عزًّا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا»(٣١).
ثالثًا: أن يعلم أن الشيطان -وهو عدوه- هو الذي يوقِد نار العداوة والشحناء بين المؤمنين؛ لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين، فيحزن إذا رآهم كذلك، ويفرح إذا رآهم متفرقين، والعداوة والشحناء بينهم.
فإذا ذكر الإنسان المنافع والمضار، فالإنسان عاقل، لا بد أن يأخذ بما فيه المصالح والمنافع، ويدع ما فيه المضار والمفاسد.
فعليك أن تجاهد نفسك، ولو أهنتها في الظاهر، فإنك تعزها في الحقيقة؛ لأن من تواضع لله رفعه، «وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا».
وجرب تجد، تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت، وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش في راحة، في طمأنينة، في انشراح صدر، في سرور قلب، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم، وكيف أتخلص؟ وكيف أعمل؟
ثم يأتيك الشيطان بكل احتمالات يحتملها كلامه، يعني لو احتمل كلامه الخير والشر، ويش يقول لك الشيطان؟ احمله على الشر، مع أن المشروع أن يحمل الإنسان كلام إخوانه على الخير ما وجد له محملًا، متى وجدت محملًا للخير فاحمله على الخير، سواء في الأقوال أو في الأفعال، ولا تحمله على الشر.
بعض الناس -والعياذ بالله- يحمله على الشر، القول على الشر، أو الفعل على الشر، ثم يوزه الشيطان إلى أن يتجسس على أخيه، ويتابع أخاه، وينظر ماذا فعل؟ وماذا قال؟ فتجده دائمًا يُحلِّل أقواله وأفعاله، كأن عنده معامل، وليته يحمله على الأحسن، أو على الحسن، ولكن على السيئ والأسوأ، وذلك بإيحاء الشيطان والعياذ بالله.