للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: إن كان الذي تكلم فيه قد علم فليذهب إليه وليستحله، وإن لم يعلم فلا يذهب إليه، بل يستغفر له، ويذكره بخير في الأماكن التي كان يغتابه فيها؛ لأنه ربما لو ذهب إليه وطلب أن يحلله ربما تأخذه العزة بالإثم فيأبى؛ لأن بعض الناس لا يهمه أن يأتي إليه أخوه معتذرًا، بل إذا قال: إني تكلمت فيك، فأرجوك السماح؟ قال له: ليش تكلمت فيَّ؟ من قائل لك؟ من أحلك عرضي؟ ! ثم غضب وأبى أن يسامح.

وهذا القول هو الصحيح؛ أنه إن علم أنك اغتبته، فاستحِلَّه.

فإن قال: أنا لا أحللك إلا إذا أعطيتني عشرة دراهم، يعطيه؟

طلبة: نعم، يعطيه.

الشيخ: نعم، يعطيه؛ هذا حق له، أو أكثر -حتى لو طلب أكثر- يعطيه؛ لأن إعطاءه في الدنيا أهون من إعطائه في الآخرة.

قال: (وترك التشاحن) التشاحن بين الناس؛ يعني يأمر الإمام الناس أن يتركوا التشاحن فيما بينهم، وهي الشحناء والعداوة، والبغضاء؛ لأن التشاحن سبب لرفع الخير، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فرُفِعَتْ (٢٩)؛ يعني رُفع العلم بها؛ يعني أن الرسول عليه الصلاة والسلام أُنسيها من أجل التشاحن.

قال العلماء: فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب من الله الخير أن ندع التشاحن فيما بيننا.

فإذا قال قائل: كيف يمكن أن يُزيل الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه؟ كيف يمكن؟ هذه تعتري كثيرًا من الناس، يكون في قلبه حقد على أحد، أو عداوة، ثم لا يستطيع أن يتخلص منها؟

فنقول: يستطيع الإنسان أن يتخلص بأن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المآثم، وفوات الخير حتى إن الأعمال تُعرض على الله يوم الإثنين والخميس، فإذا كان بين اثنين شحناء قال: «أَنظِرا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» (٣٠)، يعني الرب عز وجل ما ينظر في عملك يوم الإثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>