قلنا: نعم، الأصل في الأمر الوجوب، فإن أريد بالإيتار الثلاث فالأمر على ما هو عليه؛ للوجوب؛ لأنه لا بد أن يستجمر بثلاث، وإن أريد ما زاد فهو للاستحباب، يدل لذلك قوله عليه الصلاة والسلام:«مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ»(٢٤)، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن هذا على سبيل أيش؟
طلبة: الاستحباب.
الشيخ: الاستحباب، إلا في الثلاث فإنها على سبيل الوجوب، كما سبق من حديث سلمان الفارسي: أمرنا ألَّا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار (٩).
***
ثم قال:(ويجب الاستنجاء لكل خارج) هذا بيان حكم الاستنجاء، وما يجب له الاستنجاء، فقال:(يجب) الاستنجاء واجب.
وهل المراد بالاستنجاء هنا تطهير المحل بالماء أو ما هو أعم من ذلك؟
الجواب: ما هو أعم من ذلك؛ يعني: تطهيره بالماء أو بالأحجار واجب.
ما هو الدليل على وجوب الاستنجاء؟ الدليل: أمر النبي عليه الصلاة والسلام علي بن أبي طالب أن يغسل ذكره لخروج المذي (٢٥)، والمذي نجس.
وأيضًا قد يقال: إن قوله: «مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ»(٢٣) يدل على الوجوب، وقد يعارض في ذلك، ولكن حديث سلمان واضح في الوجوب: أمرنا ألَّا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار.
ولكن يقول المؤلف:(لكل خارج) من أين؟ من السبيلين، أما ما خرج من بقية البدن فإنه يغسل، إلا ثلاثة أشياء: الريح، فإنه لا يجب الاستنجاء لها؛ لأن الريح لا تحدث أثرًا، بل هي هواء فقط، فلا تحدث أثرًا في المحل إذا لم تحدث أثرًا في المحل فإنه لا يجب أن نغسله؛ لأن غسله حينئذٍ نوع من العبث.
الريح سواء كان لها صوت أم لم يكن طاهرة، وإن كانت رائحتها خبيثة.
وقال بعض أهل العلم: إنها نجسة، وما الذي يترتب على هذا؟ يترتب على هذا لو خرجت منك وثيابك مبلولة فإنها ستلاقي رطوبة، فإن قلنا: إنها نجسة، وجب غسلها، وإن قلنا: طاهرة، فلا يجب.