للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتارة بذكر عروج الأشياء إليه وصعودها إليه مثل: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠].

وتارة بنزول الأشياء منه: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: ٥].

وأما السنة: فكذلك اجتمع فيها أنواع السنة الثلاثة: القول، والفعل، والإقرار.

أما القول: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: «سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى» (١٤).

وأما الفعل: فإنه لما خطب الناس يوم عرفة، فقال: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ »، قالوا: نعم، قال: «اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ» (١٥)، يرفع إصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس، وهذا إثبات للعلو بالفعل.

وأما إقراره: فإقراره للجارية حين سألها: «أَيْنَ اللَّهُ؟ » قالت: في السماء (١٦)، جارية مملوكة ما تعرف، ما درست، قال: «أَيْنَ اللَّهُ؟ » قالت: في السماء.

وأما الإجماع: فإن السلف مجمعون على ذلك، الصحابة والتابعون والأئمة، كلهم مجمعون على هذا، ما طريق إجماعهم؟ أنهم لم يرد عنهم صرف للكلام عن ظاهره فيما ذكر من أدلة العلو، وقد مر علينا أن هذا طريق جيد، وهو أنه إذا قال لك قائل: من الذي يقول: إنهم أجمعوا؟ من قال: إن أبا بكر ذكر أن الله في العلو في ذاته؟ من قال: إن عمر قال هذا؟ من قال: إن عثمان قال هذا؟ من قال: علي قال هذا؟ ويش نقول؟ لَمَّا لم يرد عنهم ما يخالف النصوص عُلِم أنهم أثبتوها على ظاهرها.

العقل: فلأننا نقول: إن العلو صفة كمال، وهو من تمام السلطان، من تمام سلطان الله يكون فوق كل شيء، ولهذا نجد في الدنيا الملوك يوضع لهم منصة يجلسون عليها.

إذن، العقل دل على أن الله تعالى فوق كل شيء؛ لأن العلو صفة كمال، وضده صفة نقص، والله منزه عن النقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>