للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (ربنا) اسم من أسماء الله، يأتي مضافًا أحيانًا كما هنا، وكما في: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: ١٦] {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: ١٢٩]، ويأتي غير مضاف محلى بـ (ال)؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ» (١٢)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» (١٣).

وقوله: (تعاليت) من التعالي، وهو العلو، وزيدت التاء للمبالغة في علوه، (تعاليت) ولم يقل: علوت، فزيدت التاء والألف من أجل المبالغة في العلو.

وعلو الله سبحانه وتعالى ينقسم إلى قسمين: علو الذات، وعلو المعنى.

فأما علو الذات فمعناه: أن الله فوق كل شيء، وأما علو المعنى فمعناه: أن الله تعالى موصوف بكل صفات عليا.

أما الأول: فقد أنكره حلولية الجهمية الذين قالوا: إن الله في كل مكان، كل مكان فالله فيه، وأنكره أيضًا المغالون في التعطيل، حيث قالوا: إن الله ليس فوق العالم ولا تحت العالم، ولا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، ولا متصل ولا منفصل، وين؟

طلبة: عدم.

الشيخ: عدم، ولهذا أنكر محمود بن سبكتكين -رحمه الله- على من وصف الله بهذه الصفة، وقال: هذا هو العدم. وصدق، هذا هو العدم.

فأنكر ذلك طائفتان؛ طائفة غلوا في الإثبات، وطائفة غلوا في النفي، طائفة قالوا: ما يمكن نقول الله في جهة إطلاقًا، وطائفة قالوا: بل نقول في كل مكان.

أما أهل السنة والجماعة، فقالوا: إن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء بذاته.

واستدلوا لذلك بأدلة خمسة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة، خمسة أدلة، كل ما يمكن من أجناس الأدلة فهي موجودة في ثبوت علو الله.

الكتاب مملوء بذلك، تارة بلفظ العلو مثل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١]، وتارة بلفظ الفوقية مثل: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: ١٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>