للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطرة: حدث ولا حرج، العجوز التي لا تعرف القرآن قراءة تامة، ولا تعرف السنة، ولا راجعت فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا غيره من كتب السلف، تعرف أن الله في السماء، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: كل المسلمين إذا دعوا الله يرفعون أيديهم إلى أين؟ إلى السماء، ما فيه واحد من الناس يقول: اللهم اغفر لي، ويحط أيديه إلى الأرض أبدًا كل الناس يرفعون أيديهم إلى السماء.

ولهذا احتج بهذه الفطرة الضرورية، احتج الهمذاني على أبي المعالي الجويني، كان أبو المعالي الجويني يقول: كان الله ولم يكن شيء غيره، وهو الآن على ما كان عليه، يريد بذلك أن ينكر استواء الله على العرش.

فقال له أبو العلاء الهمذاني -رحمه الله-: يا شيخ، دعنا من ذكر العرش -لأن استواء الله على العرش دليله سمعي، لولا أن الله أخبرنا بذلك ما أثبتناه- فما تقول في هذه الضرورة؛ ما قال عارف قط: يا الله، إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو؟ صح؟ كل واحد يقول: يا الله، وين يروح قلبه؟ ( ... ) قلبه إلى السماء، فجعل يضرب على رأسه يقول: حيرني، حيرني. ما لقي جوابا على هذا؛ لأن هذا دليل فطري.

حتى إن الحيوان مفطور على ذلك؛ كما يروى في قصة سليمان عليه الصلاة والسلام حين خرج يستسقي، فلما خرج وإذا بنملة مستلقية على ظهرها؛ رافعة قوائمها نحو السماء، تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك، فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم (١٧)، وسقوا بدعوة هذه النملة.

هذه النملة ما الذي أعلمها أن الله في السماء؟ درست؟ ما درست، لكن فطرتها التي فطر الله عليها الخلق دلتها على أن الله في السماء.

والعجب أنه مع ظهور هذه الأدلة قد أعمى الله عنها بصائر قوم؛ فأنكروا علو الله، وقالوا: لا يمكن أي إنسان يقول: إن الله بذاته فوق، فهو كافر، ليش؟ قال: لأنه حدد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>