والذين يقولون: إن ما زاد عن العادة هو الذي يحتاج إلى ماء، وما كان على موضع العادة يكفي الاستجمار، يقولون: لأن الحكم يدور مع علته، فما زاد عن موضع العادة يغسل، وما كان على موضع العادة يجزئ فيه الاستجمار.
طالب: يجزئ هنا إذا كان قريبًا وتعدى موضع الحاجة فإنه يغسل، إذا غسله بالماء اندفع بالماء إلى موضع الاستجمار؟
الشيخ: لا، يحرص على ألَّا يندفع، ولا إذا اندفع فالمذهب أنه ما يطهر، فيتنجس بالماء.
(ويشترط) اربط هذا الشرط، يجوز الاستجمار بشرط، بشروط الحقيقة؛ الشرط الأول: ألَّا يتعدى الخارج موضع العادة.
الشرط الثاني: قال: (ويشترط للاستجمار بأحجار ونحوِها أن يكون طاهرًا).
قوله: (بأحجار) جمع (حجر)، (ونحوِها) مثل: المدر؛ وهو الطين اليابس المتجمد، والتراب والخِرَق والورق، وما أشبه ذلك، فكلمة (نحوِها) أي: مثلها؛ مثل الأحجار في الإزالة، إذن الخشب يجزئ؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إي نعم، وكذلك الوَرَق.
يقول: (أن يكون طاهرًا) يعني: لا نجِسًا، ولا متنجِسًا.
والفرق بين النجِس والمتنجِس: أن النجِس نجس بعينه، والمتنجِس نجس بغيره؛ يعني: طرأت عليه النجاسة، فيشترط أن يكون طاهرًا؛ يعني: لا نجِسًا ولا متنجِسًا.
ما الدليل على اشتراط أن يكون طاهرًا؟
عندنا دليل، وعندنا تعليل؛ أما الدليل: فحديث ابن مسعود الذي أشرنا إليه قبل قليل: ألقى الروثة وقال: «إِنَّهَا رِكْسٌ» بالكاف، والرِّكس: النجس، هذا واحد.
ثانيًا: قوله في حديث أبي هريرة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: «إِنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ» (١١)، فدل هذا على أنه لا بد أن يكون المستجمَر به طاهرًا؛ لأن النجس هو خبيث، فكيف يكون مطهِّرًا؟
إذن عندنا دليل وتعليل؛ التعليل -هو كما قلت أخيرًا-: إن النجس هو خبيث، والخبيث لا يجعل الخبيث أن يكون طاهرًا.