ما هو الدليل على هذا الشرط؟ يقولون: ليس هناك دليل، لكن هناك تعليل؛ وهو أن الاستجمار خرج عما يجب من إزالة النجاسة بالماء، فهو خارج عن القاعدة، وما خرج عن القاعدة فإنه يقتصر فيه على ما جرت به العادة، فيقال: ما خرج عن العادة وانتشر إلى محل زائد هذا ما ورد فيه الاستجمار، إنما يحمل الاستجمار على الشيء المعهود المعتاد، لماذا؟ لأن الأصل في النجاسة أن تزال بماذا؟ بالماء.
اقتصر على الاستجمار فيما جرت فيه العادة؛ لأنه هو الظاهر، وما خرج عن العادة فإنه لا يجزئ فيه إلا الماء، واضح الآن؟ أعيد التعليل مرة ثانية، يقولون: لأن الاقتصار على الأحجار ونحوها في إزالة البول والغائط خرج عن نظائره ولَّا لا؟
طلبة: خرج.
الشيخ: خرج عن نظائره، فإذا كان خارج عن نظائره وجب أن يقتصر فيه على ما جرت به العادة، فما زاد عن العادة فالأصل أن يزال بماذا؟
طلبة: بالماء.
الشيخ: الأصل أن يزال بالماء.
ولو قال قائل: إنه إذا تعدى موضع العادة بكثير فصحيح لا يجزئ فيه إلا الماء، مثل لو ترشش البول على فخذه أو على ساقه أو على ركبته، فهذا ظاهر أنه لا بد فيه من الماء؛ لأنه ليس محل الخارج ولا قريبًا منه، وأما ما كان قريبًا فإنه يسامح فيه، ولعل هذا لا يعارض كلام الفقهاء.
إذا قلنا: إنه بشرط ألَّا يعدو موضع العادة، فإن تعدى موضع العادة فهل نقول: إن لكل موضع حكمه؛ بمعنى أن نقول: الذي لم يتعدَّ موضع العادة يجزئ فيه الاستجمار، والمتعدي لا بد فيه من الماء؟
طالب: هذا هو الظاهر.
الشيخ: هذا ظاهر كلامهم، وقال بعض أهل العلم؛ بعض الأصحاب -أصحاب الإمام أحمد-: إذا تعدى موضع العادة لم يجزئ في الجميع إلا الماء، والفرق بين القولين واضح؟ واضح.
الذين يقولون: إذا تعدى موضع العادة لا يجزئ إلا الماء، يقولون: لأنه لما لم يتمَّ الشرط فسد الكل.