للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكره للإنسان أن يبول في الشق؛ السرب والجحر وما أشبه ذلك، وظاهر كلام فقهائنا رحمهم الله: ولو كان الشق معلوم السبب، كما لو كانت الأرض قيعانًا وجاءها المطر فالعادة أنه إذا يبس هذا القاع العادة أنه يتشقق ويتفطر، فظاهر كلام الفقهاء حتى في هذه الحال يكره.

ومع هذا نقول: إنه يكره، فإذا كان مكروهًا فإنه يزول بماذا؟

بالحاجة؛ لأنه أحيانًا ما يكون عندك في الفضاء مثلًا إذا كنت في روضة قيعان وقد مر بها الوادي وما أشبه ذلك لا بد يكون فيها تفطر، قد يشق عليك أن تجد مكانًا ليس فيه هذه الشقوق.

المهم الحكم هنا الكراهة، فما هو الدليل؟ وما هو التعليل؟

الدليل: ما رواه قتادة عن عبد الله بن سرجس أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: نهى أن يُبال في الجُحر، قيل لقتادة: ما بال الجُحر؟ قال: يُقال: إِنَّها مساكن الجنّ (١٨). هذا الحديث منهم من صححه، ومنهم من ضعفه، ولكن أقل أحواله أن يكون حسنًا؛ لأن العلماء قبلوه، واحتجوا به، فهذا هو الدليل أن الرسول نهى أن يُبال في الجُحر.

وأما التعليل فقالوا: لأنه يخشى أن يكون في هذا الجحر شيء ساكن فتفسد عليه مسكنه، أو يخرج وأنت على بولك ثم يؤذيك، وربما تقوم بسرعة فلا تسلم من رشاش البول، فلهذا لا ينبغي.

وقد ذكر المؤرخون أن سعد بن عبادة رضي الله عنه بال في جحر في الشام، وما أن فرغ من بوله حتى استلقى ميتًا -سعد بن عبادة سيد الخزرج رضي الله عنه- فسمعوا هاتفًا يهتف في المدينة يقول:

نَحْنُ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْ

رَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَهْ

وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْ

نِ فَلَمْ نُخْطِئْ فُؤَادَهْ (١٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>