وأما الثاني فنعم، الثاني أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما ترك الرد تركًا مطلقًا، وعرفنا بأنه أجله، وهذا لا يستلزم القول بالتحريم، ولكن مع ذلك إذا احتاج إلى أن يتكلم، كما لو انتهى الماء الذي يستنجي به، لا يقدر يستنجي، ولا يقدر يقوم، الآن إذا ما استنجى ما يقدر يقوم الإنسان، وصوت إلى أحد: أعطني ماء، فهذا حاجة ولا بأس به.
نهى أن يضرب الرجلان الغائط ثم يجلسان لقضاء الحاجة يتحدثان، قال:«فَإِنَّ اللهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ»، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر، لماذا؟
لأن الدليل أخص من المدلول، والقاعدة في الاستدلال ألا يستدل بالأخص على الأعم، وإنما يستدل بالأعم على الأخص، فالدليل هنا في رجلين ضربا الغائط وجلسا وصارا يتحدثان، هذه حالة غير مجرد أن يتكلم الإنسان على الخلاء. ونحن نقول في مثل هذه الحال: أقل أحوالها أن يكون مكروهًا إذا لم ينظر أحدهما إلى عورة الآخر، فإن نظر أحدهما إلى عورة الآخر فإن ذلك محرم.
وعلى كل حال، فقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أنه يكره الكلام حال قضاء الحاجة، وقال مرة أخرى: إنه لا ينبغي، والمعروف عند أصحاب الإمام أحمد أن الإمام إذا قال: أكره كذا، أو قال: لا ينبغي، فهو للتحريم، هذا معروف عندهم.
طالب: لو قال.
الشيخ: لا ينبغي. وعلى كل حال نحن نرى أنه لا ينبغي أن يتكلم في حال قضاء الحاجة إلا كما قال الفقهاء: لحاجة، مثل لو أراد أن يرشد أحدًا أو كلمه أحد لا بد أن يرد عليه، أو كان له حاجة في شخص وخاف أن ينصرف وقال: فلان وما أشبه ذلك.
طالب: شيخ ( ... ).
الشيخ:(وبوله في شق ونحوه) يعني: يكره بوله في شق ونحوه، الشق: هو الفتحة تكون في الأرض، وهو الجحر، جحر الدواب والهوام، هذا الشق.
وقوله:(ونحوه)، مثل بعضهم بفم البالوعة، يعني البالوعة هي متجمع الماء الغير نظيف، وسميت بالوعة لأنها تبتلع الماء.