للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما رد عليه السلام، قالوا: ولو كان الكلام جائزًا لرد عليه السلام؛ لأن رد السلام واجب، لكن هذا الاستدلال مقتضاه التحريم، أنه يحرم أن يتكلم وهو على قضاء حاجته، ولهذا لما ذكر صاحب النكت ابن مفلح لما ذكر هذه المسألة قال: وظاهر استدلالهم يقتضي التحريم، وهو أحد القولين في المسألة. على أن كلام الإنسان وهو على حاجته محرم لا يجوز. أما إذا كانا اثنين ينظر أحدهما إلى الآخر ويتحدثان فهو حرام بلا شك، بل إن ظاهر الحديث الوارد فيه لولا ما فيه من المقال لكان ظاهره أنه من كبائر الذنوب؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن الرجلين إذا فعلا ذلك فإن الله يمقت عليه (١٧)، والمقت أشد البغض؛ وهذا يقتضي أن يكون من الكبائر، إنما الكلام المجرد هذا يكره، والاستدلال بالحديث كما سمعتم.

لكن لو قال قائل: إن الاستدلال بالحديث يقتضي التحريم؛ لأنه ترك واجبًا، وترك الواجب لا يباح إلا إذا كان الشيء محرمًا؛ لكن أجاب العلماء عن ذلك؛ أجابوا بجوابين:

الجواب الأول قالوا: إن هذا المسلم على قاضي الحاجة لا يستحق ردًّا؛ لأنه لا ينبغي السلام على قاضي الحاجة، حطوا بالكم هذا جواب.

الجواب الثاني: أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما ترك الواجب؛ لأنه بعد أن انتهى رد عليه السلام واعتذر منه، الرسول علم بأنه سيرد عليه، وغاية ما فيه أنه أجل الرد؛ لأنه ليس على طهر.

أما الوجه الأول فضعيف، قولهم بأنه سلم عليه وهو لا يستحق الرد في هذه الحال لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما علل عدم السلام بأنك سلمت في حالٍ لا تستحق الرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>