للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرنا أدلة التغريب والجلد مئة، وذكرنا أدلة التنصيف بالنسبة للمملوك، وأنه نص القرآن فيما إذا كانت أمة، وبالقياس فيما إذا كان عبدًا، وذكرنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث عبادة قال: «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ وَالرَّجْمُ» (٩)، لكن آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم بدون جلد؛ كما في قصة ماعز والغامدية (١٠)، وكذلك قصة اليهوديين (٦)، كل من رجم فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه لم يجلده، وعلى هذا فيكون خبر عبادة منسوخًا، ويُشْتَرط لوجوب الحد ثلاثة شروط:

أولًا: إيلاج الحشفة الأصلية كلها، هناك حشفة غير أصلية؟ نعم وهي حشفة الخنثى المُشْكِل الذي لم يتميز أذكر هو أم أنثى؟ فإن هذا العضو منه لا يُدْرَى هل هو ذكر أو لحمة زائدة؟ لأنه لم يتبين أنه ذكر أو أنثى، فإذا أولج خنثى مُشْكِلٌ في فرج أصلي -مثلًا- فإنه ليس بزانٍ لا يجب عليه الحد؛ لأن ذلك ليس بزنا؛ إذ إننا لم نتيقن أن هذا الفرج فرج حقيقي؛ إذ قد يكون لحمة زائدة والفرج الحقيقي هو فرج الأنثى الذي في هذا الخنثى المشكل.

وقولنا: (كلها) احترازًا من البعض، وقولنا: (في فرج أصلي) يشمل كلمة (فرج) القُبُلَ والدُّبُر؛ لأنه فرج، وقولنا: (أصلي) احترازًا من فرج الخنثى المُشْكِل؛ فلو أولج ذكرٌ ذكرَه في فرج خنثى مُشْكِلٍ لم يجب الحد؛ لأنه جائز أن يكون هذا الفرج فتحة ليست بأصلية، فلا يثبت لها حكم الفرج.

وقولنا: (من آدمي) احترازًا من غير الآدمي؛ فإن الإنسان لو أولج ذكره في فرج بهيمة لم يكن عليه حد الزنا، ولكن عليه التعزير.

وأما ما ورد في السنن في حديث: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وُاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» (١٩) فإن هذا الحديث ضعيف؛ يعني: لا يقوى على قتله، ثم إنه من حيث المعنى كيف يكون الزاني بالبهيمة أشد من الزاني بالمرأة؟ ! والصواب ما مشى عليه فقهاء الحنابلة أنه يعزر، وأن البهيمة تُقْتَل ولَّا تُذْبَح؟

<<  <  ج: ص:  >  >>