للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا أودعه دابة وقال له: الإنفاق؟ قال: لا تنفق عليها. فتركها حتى ماتت، فلا ضمان عليه، لماذا؟ لأن صاحبها أذن له بما يقتضي تلفها فلم يضمن له، كما لو أذن له بذبحها فذبحها فإنه لا ضمان عليه، أظن التعليل واضح.

هذا ما قاله المؤلف رحمه الله، لكن فيه نظرًا؛ لأن ترك البهيمة تموت عطشًا وجوعًا إثم يعذب عليه الإنسان في النار، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أنه رأى في النارِ امرأةً عُذِّبَتْ في هِرَّةٍ حبسَتْها لا هي أطعمَتْها ولا هي تركَتْها (١). ويكون صاحبها قد أذن له في شيء محرم، ولا يجوز الموافقة على شيء محرم، فيكون ضامنًا، عليه الضمان؛ لأنه لو شاء لقال لصاحبها -لما قال: لا تنفق عليها- لو شاء لقال له: إذَنْ لا أقبلها، يلحقني الإثم.

فالصواب أنه يضمن، ولكنه في هذه الحال يُجعل ما ضمنه في بيت المال، ويُحْرَمُ إياه صاحبها، صاحبها لا يُعطَى شيئًا؛ لأنها تلفت بقولٍ من صاحبها يقتضي تلفها، لكننا نُضَمِّنُ هذا الذي وافقه على المعصية ونجعل ما ضمنه نجعله في بيت المال، هذا هو القول المتعين، وعليه يُحمَل قولُ مَن قال من الأصحاب: إنه يضمن، يعني يُحمَل قولهم: إنه يضمن، على أنه يضمن، ولكن يُجعل في بيت المال، جزاءً لصاحبها وعقوبةً له.

طالب: شيخ أحسن الله إليك، لو أعطى وديعة يعني دراهم وصَرَفها بدراهم أخرى، ولكنها لم يتصرف بعمل آخر.

الشيخ: ويش فائدته؟ ما فائدة أن يصرفها وهو لا يريد أن ينفقها؟

الطالب: كان يحتاج عنده خمس مئة ولَّا أعطاها مفكوكة يعني بأن صرفها.

الشيخ: يعني لمصلحة نفسه؟

الطالب: نعم، أعطى الرجل يعني خمس مئة متفككة، وهو عنده خمس مئة واحدة، فصَرَفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>