للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الثاني في أصل المسألة أن تصرفات الغاصب صحيحة، وهي رواية عن أحمد رحمه الله رواية مطلقة أن تصرفاته صحيحة، ولكن للمالك أن يستردها؛ فمثلًا إذا ذكى الشاة، فالتذكية على هذه الرواية صحيحة والشاة لمن؟ لمالكها ترجع لمالكها وإذا طالب بالمثل وقلنا: إنها مثلية ضمنها بمثلها، وإذا قلنا: إنها متقومة وطالب بمثلها حية، وقال: إن قيمتها حية أكثر من قيمتها لحما أعطيناه الفرق أو أعطيناه القيمة كاملة واللحم يكون للغاصب.

كذلك أيضًا لو توضأ بماء مغصوب فعلى هذه الرواية التي هي خلاف المذهب الوضوء صحيح وهو الصحيح أن الوضوء صحيح؛ لأن هذا التصرف لا يختص بالوضوء؛ إذ إن تصرف الغاصب بالمغصوب يشمل الوضوء وغير الوضوء، فالغاصب لم يُنه عن الوضوء، لم يُقل له: لا تتوضأ من الماء المغصوب، بل قيل له: لا تتصرف بالماء المغصوب، ولما لم يكن النهي خاصًّا بل كان عامًّا صارت العبادة صحيحة، هذا هو القول الراجح، ويدلُّ لهذا الغِيبة على الصائم حرام ولا حلال؟

الطلبة: حرام.

الشيخ: والأكل؟

الطلبة: حرام.

الشيخ: حرام، لو أكل فسد صومه، لو اغتاب لم يفسد؛ لماذا؟ لأن الأكل حرام على الصائم بخصوصه، والغِيبة ليست حرامًا على الصائم بخصوصها، عليه وعلى غيره، فتبين بهذا الفرق الواضح بين العموم والخصوص.

إذن خلاصة القول الراجح: تصرفات الغاصب أيش؟ صحيحة، أما إن أجازها المالك فهذا أمر واضح مثل الشمس، وأما إذا لم يجزها.

فالصحيح أيضًا صحتها، لكن إذا كان عين ماله باقيًا أي عين المالك باقيًا؛ فله أن يسترده ويقول: هذا عين مالي، وأنت أيها المشتري اذهب إلى الغاصب ومالي أريده.

ثم قال: (والقول في قيمة التالف، أو قدره، أو صفته قوله). أي: قول الغاصب.

(القول في قيمة التالف) يعني: لو غصب شيئًا فتلف -وكان متقومًا- فقال المالك: قيمته ألف، وقال الغاصب: قيمته خمس مئة، مَنِ القول قوله؟

الطلبة: الغاصب.

الشيخ: قول الغاصب، لماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>