بسم الله الرحمن الرحيم، قال:(وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِمَالِكِهِ) فإنه (لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ).
رجل غصب طعامًا كخبز ورز وغيره فأطعمه لمالكه، المالك أكله على أنه ملك الغاصب، فهنا نقول: إنه لا يبرأ -يعني: الغاصب- إلا إذا أعلمه، بأن قال: تفضل، أنا غصبت هذا المال منك، والآن أنا تائب فتفضل كُلْه. فإذا أكله برئ؛ لأنه علم.
كذلك لو رهنه إياه، استدان من المالك دينًا وأرهنه المغصوب، فإنه لا يبرأ، لماذا؟ لأن المرتهن داخل على أنه لا ضمان عليه، يده يد أمان، فلو تلف فإن الغاصب لا يضمن إلا إذا أعلمه بأن قال: إن الذي رهنتك هو مالك ..
طلبة:( ... ).
الشيخ: نعم، الغاصب.
طالب: فلو تلف.
الشيخ: إذا رهنه شيئًا فيده –أي: يد المرتهن- يد أمانة، إذا تلف بغير تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه، فإذا رهنه -أي: رهن المغصوب لمالكه- فإنه لا يبرأ لو تلف، إلا إذا علم مالكه أن هذا ملكه فإنه يبرأ الغاصب؛ لأنه الآن مكَّنه منه وسلَّطه عليه.
(أَوْ أَوْدَعَهُ)(إِيَّاهُ)، (أَوْدَعَهُ) أي: أودع المغصوب (إِيَّاهُ) أي: المالك أودعه إياه، يقول:(لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ)، والوديعة هي الاستحفاظ؛ يعني: استحفاظ المالك بأن تعطي الشخص مالًا يحفظه لك، ويُسمى عند الناس أمانة، وهو في الحقيقة وديعة، فإذا أودعه عنده فمن المعلوم أن المُودَع لا يضمن إلا إن تعدى أو فرط، فإذا أعلمه -أي: الغاصب- أن هذا ملكه برئ منه سواء تلف أم لم يتلف؛ لأنه إذا تلف فهو بيد مالكه، وأما إذا أودعه إياه ولم يعلم فإنه يضمنه إذا أودع الغاصب المال المغصوب لمالكه، ومالكه لم يعلم فالضمان على مَن؟ على الغاصب، حتى لو تلف تحت يد المُودَع بلا تعدٍّ ولا تفريط، فإن الغاصب يضمنه؛ لأنه معتدٍ، والمالك أخذه على أنه ملك لمن؟ للغاصب.