(أَوْ آجَرَهُ إِيَّاهُ) غصبه سيارة -مثلًا- وآجره إياها يومًا أو أكثر ولم يعلم، فالضمان لو حصل عليها تلف -ولو بلا تعدٍّ ولا تفريط- الضمان على الغاصب؛ لأن يده يد عدوان، و «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ»(١).
يقول:(أَوْ آجَرَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ) يعني إلا أن يعلم مَن؟ المالك الذي أُودِع أو ارتهن أو أكل أو استأجر، فإذا علم، فمعلوم أن السلطة له على ماله والغاصب برئ.
قال:(وَيَبْرَأُ بِإِعَارَتِهِ)، (يَبْرَأُ) الفاعل الغاصب (بِإِعَارَتِهِ) يعود الضمير إلى المغصوب، لمن؟ إعارته لمن؟ لمالكه، يبرأ بإعارته لمالكه، مثال ذلك: رجل غصب كتابًا وأعاره مالكه، فهنا يبرأ، سواء علم المالك أم لم يعلم؛ وجه ذلك أنه إن علم أنه ملكه فقد تلف تحت يده، وإن لم يعلم فالمستعير ضامن بكل حال، فهو حتى وإن أخذه على أنه ملك للغاصب، فهو أيش؟ ضامن، ضامن بكل حال، وهذا مبني على أن المستعير ضامن بكل حال.
وقد سبق أن القول الراجح أن المستعير كغيره ممن يكون المال تحت يده بإذن من المالك أو إذن من الشارع، وأن يد المستعير يد أمانة، وعلى هذا لو تلف تحت يد مالكه في إعارة فالضمان على مَن؟ على الغاصب، إلا أن يعلم المالك أنه ملكه فيبرأ به، فكونه يبرأ بالإعارة وجهه أن المستعير ضامن بكل حال، وهنا نقول: إن أخذه المالك على أنه ملك للغاصب فهو مستعير، والمستعير ضامن، وإن أخذه عالمًا أنه ملكه فقد تم استيلاؤه عليه، فلا يضمن الغاصب، واضح؟
وعليه فيكون هذا مبني على القول بأن المستعير ضامن على كل حال سواء فرط أو تعدى أو لم يتعدَّ ولم يفرط، والصواب أنه كغيره من الأمناء؛ لأن المال حصل بيده أي بيد المستعير بإذن مِن، مِمَّن؟ من مالكه فإن تعدى أو فرط ضمن وإلا فلا.