للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُضرَبُ الصِّرَاطُ بَينَ ظَهرَي جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَن يُجِيزُ، وَلا

ــ

يقال: اتبعت فلانًا على رأيه، واتبعت أمره؛ أي: انقَدتُ إليه وامتَثَلتُه، فيكون من باب الاستعارة. ويجوز أن يكون من باب حذف المضاف؛ أي: يتبعون ملائكته ورسله الذين يسوقونهم إلى الجنة، فكأنهم يتقدّمون بين أيديهم دلالة وخدمة وتأنيسًا، والله تعالى أعلم.

تنبيه: اعلم أن الناس قد أكثروا في تأويلات هذه الأحاديث، فمِن مبعدٍ ومن محوّم، وما ذكرناه أحسنها وأقربها لمنهاج كلام العرب، ولأن يكون هو المراد. ومع ذلك فلا نقطع بأنه هو المراد. والتحقيق أن يقال: الله ورسوله أعلم. والتسليم الذي كان عليه السلف أسلم، لكن مع القطع بأن هذه الظواهر الواردة في الكتاب والسنة الموهمة للتجسيم والتشبيه يستحيل حملها على ظواهرها؛ لما يعارضها من ظواهر أخر، كما قرره أئمتنا في كتبهم، ولما دلّ العقل الصريح عليه، وقد أشرنا إلى نبذٍ من ذلك.

و(قوله: ثم يضرب الصراط بين ظهري جهنم) الصراط في اللغة: هو الطريق، وفيه لغات: الصاد والسين والزاي، وهو هنا: الطريق من أرض المحشر إلى الجنة، وهو منصوب على متن جهنم أدقّ من الشعر وأحدّ من السيف، وهو المسمى بالجسر في الحديث الآخر (١).

وجهنّم اسم من أسماء النار التي يُعذَّب بها في الآخرة. قال الجوهري: هو ملحقٌ بالخماسي بتشديد الحرف الثالث منه، ولا ينصرف للتعريف والتأنيث، وهو فارسي معرَّب. وركية جِهِنَّامٌ؛ أي: بعيدة القعر.

و(قوله: فأكون أنا وأمتي أوّل من يُجيز) بضمّ أوّله رباعيًا من أجاز


(١) رواه مسلم (٣١٥) عن ثوبان رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>