[(٣٥) باب ترك الاستعانة بالمشركين]
[١٣٣٢] عَن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَت: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قِبَلَ بَدرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الوَبَرَةِ، أَدرَكَهُ رَجُلٌ قَد كَانَ يُذكَرُ مِنهُ جُرأَةٌ وَنَجدَةٌ، فَفَرِحَ أَصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَأَوهُ، فَلَمَّا أَدرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: جِئتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: تُؤمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارجِع، فَلَن أَستَعِينَ بِمُشرِكٍ. قَالَ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ،
ــ
(٣٥) ومن باب: ترك الاستعانة بالمشركين
قوله: (فلما كان بحرَّة الوَبرة)؛ هو بفتح الباء والراء، وهي الرواية المعروفة، وقيده بعضهم بسكون الباء، وهو موضع على أربعة أميال من المدينة.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ارجع، فلن أستعين بمشرك)، بظاهر هذا الحديث قال كافة العلماء؛ مالك وغيره، فكرهوا الاستعانة بالمشركين في الحرب. وقال مالك وأصحابه: لا بأس (١) أن يكونوا نواتية (٢) وخدَّامًا.
واختلف في استعمالهم برميهم بالمجانيق، فأجيز وكُرِه. وأجاز ابن حبيب: أن يستعمل من سالم منهم في قتال من حارب منهم. وقال بعض علمائنا بجواز ذلك، ويكونون ناحية من عسكر المسلمين. وقالوا: إنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في وقت مخصوص، لرجل مخصوص، لا على العموم. وظاهر الحديث حجَّة عليهم.
ثم إذا قلنا: يُستعان بهم. فهل يسهم لهم أو لا؟ قولان. وإلى الأول ذهب الزهري والأوزاعي. وإلى الثاني ذهب (٣) مالك، والشافعي، وأبو حنيفة،
(١) في (ع): إلا، والمثبت من (ج) و (ج ٢).
(٢) "النواتي": جمع نوتي، وهو: الملَّاح الذي يدير السفينة في البحر.
(٣) من (ج ٢).