للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَومَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَن كَانَ يَعبُدُ شَيئًا فَليَتَّبِعهُ، فَيَتَّبِعُ مَن كَانَ يَعبُدُ الشَّمسَ الشَّمسَ، وَيَتَّبِعُ مَن كَانَ يَعبُدُ القَمَرَ القَمَرَ، وَيَتَّبِعُ مَن كَانَ يَعبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأتِيهِمُ اللهُ - تبارك وتعالى - فِي صُورَةٍ غَيرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُم، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ

ــ

وثانيهما: أن الكفّار يعلمونه تعالى في الآخرة بالضرورة، فترتفع خُصوصية المؤمنين بالكرامة وبلذة النظر، وذلك التأويل منهم تحريف حملهم عليه ارتكاب الأصول الفاسدة.

والطواغيت جمع طاغوت، وهو الكاهن والشيطان وكل رأسٍ في الضلال، والمراد به في الحديث الأصنام. ويكون واحدًا، كقوله تعالى: يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَد أُمِرُوا أَن يَكفُرُوا بِهِ وقد يكون جمعًا، كقوله تعالى: أَولِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخرِجُونَهُم. وطاغوت وإن جاء على وزن لاهوت، فهو مقلوب؛ لأنه من طغى، ولاهوت غير مقلوب؛ لأنه من لاهٍ، بمنزلة الرغبوت والرهبوت والرحموت، قاله في الصحاح.

و(قوله: وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، ظنّ المنافقون أن تسترهم بالمؤمنين في الآخرة ينفعهم وينجيهم كما نفعهم في الدنيا، جهلا منهم بأن الله تعالى عالم بهم، ومطلع على ضمائرهم. وهذا كما قد أقسمت طائفة من المشركين أنهم ما كانوا مشركين، توهمًا منهم أنّ ذلك يُنجيهم. ويحتمل أن يكون حشرهم مع المسلمين لِما كانوا يُظهرونه من الإسلام، فحفظ عليهم ذلك، حتّى يميِّز الله الخبيث من الطيّب. ويحتمل أنّه لمّا قيل: تتّبعَ كلُّ أمّةٍ ما كانت تعبدُ، فاتّبع الناس معبوداتِهم، ولم يكونوا عبدوا شيئًا، فبقوا هنالك حتّى مُيِّزوا ممّن كان يعبد الله.

و(قوله: فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون) هذا المقام مقام هائل يمتحن الله تعالى فيه عبادَه؛ ليُميِّز المُحِقّ من المُبطِل، وذلك أنّه لمّا بقي المنافقون والمُراءون متلبّسين بالمؤمنين والمخلصين، زاعمين أنّهم منهم، وأنّهم

<<  <  ج: ص:  >  >>