للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٥٨١] وعَن طَاوُسٍ: أَنَّهُ قَالَ: أَدرَكتُ نَاسًا مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: كُلُّ شَيءٍ بِقَدَرٍ. قَالَ: وَسَمِعتُ عَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى العَجزِ وَالكَيسِ، أَو الكَيسِ وَالعَجزِ.

رواه أحمد (٢/ ١١٠)، ومسلم (٢٦٥٥).

ــ

ممكن، والله تعالى أعلم بحقيقة ذلك. والذي نعلمه قطعا: أن الله تعالى قديم، لا أول لوجوده، فكان موجودا وحده، ولا موجود سواه، ثم اخترع بقدرته وإرادته ما سبق في علمه، ونفذت به مشيئته، كما شاء ومتى شاء، والذي نعلم استحالته قطعا: أزلية شيء غير الله تعالى من عرش، أو كرسي، أو ماء، أو هواء، أو أرض، أو سماء؛ إذ كل ذلك ممكن في نفسه، وكل موجود ممكن محدث؛ ولأن كل ذلك لا يخلو عن الحوادث، وما لا يخلو عن الحوادث حادث على ما تُعرف حقيقته في موضعه؛ ولأنه المعلوم الضروري من الشرع، فمن شك فيه أو جحده، فهو كافر، ومما يعلم استحالته: كون العرش حاملا لله تعالى، وأن الله تعالى مستقر عليه كاستقرار الأجسام؛ إذ لو كان محمولا لكان محتاجا فقيرا لما يحمله، وذلك ينافي وصف الإلهية؛ إذ أخص أوصاف الإله (١): الاستغناء المطلق، ولو كان ذلك للزم كونه جسما مقدرا، ويلزم كونه حادثا على ما سبق؛ فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: {الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى} قيل: له محامل واضحة، وتأويلات صحيحة، غير أن الشرع لم يعين لنا محملا من تلك المحامل، فيتوقف في التعيين ويسلك مسلك السلف الصالح في التسليم.

و(قوله: كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس) قيدناه بكسر الزاي والسين وضمهما. و (حتى) هي العاطفة، والرفع عطف على (كل) والخفض على (شيء).


(١) في (ز): الإلهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>