ويأكلون الرِّبا - لأنَّا قد أقررناهم على ما بأيديهم من ذلك، وكذلك: لو أسلموا (١) لطاب لهم ذلك، وليس كذلك المُسلِم الذي يعمل بشيء من ذلك، لا يقرّ على ذلك، ولا يترك بيده على ما تقدَّم، ولا يجوز أن يعامل من كان كسبه من ذلك، وإذا تاب تصدَّق بما بيده منه. وأما أهل الحرب: فيجوز أن يعاملوا، ويُشترى منهم كل ما يجوز لنا شراؤه وتملكه. ويُباع منهم كل شيء من العروض، والحيوان ما لم يكن ذلك مضرًّا بالمسلمين مما يحتاجون إليه، وما خلا آلة الحرب، وعدَّته، وما يخاف أن يتقوَّوا به على المسلمين، فلا يباع منهم شيء منه، ولا يباع منهم ولا من أهل الذمَّة مسلم ولا مصحف. وقال ابن حبيب: لا يباع من أهل الحرب: الحرير، ولا الكتان، ولا البسط؛ لأنهم يتجمَّلون بذلك في حروبهم، ولا الطَّعام، لعلهم أن يضعفوا.
وفيه من الفقه: جواز الأخذ بالدَّين عند الحاجة كما تقدَّم، وجواز الاستيثاق بالرهن والكفالة في الدَّين والسَّلم. وقد منع الرَّهن في السَّلم زفر، والأوزاعي. وهذا الحديث؛ أعني: حديث عائشة رضي الله عنها حجة عليهم؛ إذ لا فرق بين الدَّين والسَّلم. وكذلك عموم قوله تعالى:{إِذَا تَدَايَنتُم بِدَينٍ} الآية.
وفيه دليل: على جواز الرَّهن في الحضر، وهو قول الجمهور. ومنعه مجاهد، وداود، وهذا الحديث حجة عليهم. ولا حجة لهم في قوله تعالى:{وَإِن كُنتُم عَلَى سَفَرٍ وَلَم تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقبُوضَةٌ}؛ لأنه تمسُّك بالمفهوم في مقابلة المنظوم. وهو فاسد بما قررناه في الأصول. ومعنى الرَّهن