بصحيح؛ لأن حليتها محتبسة عليها، كحُصرها، وقناديلها، وسائر ما يحبس عليها لا يجوز صرفها في غيرها، ويكون حكم حليها حكم حلية سيف أو مصحف حُبسا في سبيل الله؛ فإنه لا يجوز تغييره عن الوجه الذي حبس له، وإنما ذلك الكنز كما ذكرناه، وكأنه فضلةُ ما كان يهدى إليها عما كانت تحتاج إليه مما ينفق فيها، فلما افتتح النبي - صلى الله عليه وسلم - خاف من نفرة قلوب قريش إن هو أنفقه في سبيل الله تعالى، كما قال. وذلك أنهم كانت عادتهم في ذلك: ألا يتعرضوا له. فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك لما ذكره، ثم إنه بقي على ذلك في إمارة أبي بكر وعمر، ولا أدري ما صنع به بعد ذلك. وينبغي أن يبحث عنه.
وسبيل الله هنا: الجهاد. وهو الظاهر من عرف الشرع، كما قررناه في كتاب الزكاة.
و(من) في قوله: (من الحجر) للتبعيض، بدليل قوله في الرواية الأخرى:(أدخلت من الحجر خمسة أذرع).
وقول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: (لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)؛ ليس شكًّا منه في سماعها، ولا في سماع الراوي عنها، وإنما هذا على طريقة وضع الشَّرطي المتصل الذي يوضع شرطه تقديرًا ليتبيّن مشروطه تحقيقًا. وله في كلام الله تعالى، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - نظائر، منها: قوله عز وجل: {قُل إِن كَانَ لِلرَّحمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ العَابِدِينَ} وقوله: {لَو كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ومثله كثير. ولبسط هذا وتحقيقه علمٌ آخر. وقد يأتي هذا النحو في الكلام على طريق تبيين الحال على وجهٍ يأنس به المخاطب،