إنّ تثلُّم سيوفهم من قراع الكتائب يتضمّن مدحاً لهم بالشجاعة والإِقدام، فهو ليس من العيوب، بل هو من المناقب، فَذِكره على أنّه هو العيب الوحيد لهم يؤكّد الثناء عليهم أبلغ تأكيد.
المثال الخامس: قول "بديع الزمان الهمذاني" يمدح "خلف بن أحمد السجستاني":
هُوَ الْبَدْرُ إلاَ أنَّهُ البَحْرُ زاخِراً ... سِوَى أنَّه الضِّرْغامُ لكنَّهُ الوَبْلُ
زاخراً: ممتلئاً طامياً. الضرغام: الأسد. الوَبْل: المطر الشديد.
فقد أكدّ المدح بأسلوب يُوهِمُ عند البدء به أنّه يريد أن يذكر له عيباً بعد أن شبّهه بالبدر.
المثال السادس: قول النابغة الجعدي في المديح:
فَتَى كَمُلَتْ أَخْلاقُهُ غيْرَ أَنَّهُ ... جَوَادٌ فَمَا يُبْقي مِنَ المَالِ بَاقِيَا
المثال السابع: قول ابن الرومي في المديح:
لَيسَ بِهِ عَيْبٌ سِوَى أنّه ... لا تَقَعُ الْعَيْنُ عَلَى مِثْلِهِ
المثال الثامن: رُوي عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال:
"أَنَا أفْصَحُ الّعَرَب، بَيْدَ أنِّي من قُرَيشٍ".
فكونُه من قريش يؤكّد أنّه صلوات الله عليه أفصح العرب.
المثال التاسع: قول المعرّي:
تُعَدُّ ذُنُوبي عِنْدَ قَوْمٍ كَثِيرةً ... وَلاَ ذَنْبَ لِي إلاَّ العُلاَ والفَضَائِلُ
المثال العاشر: قول صفي الدّين الحلّي:
لاَ عَيْبَ فِيهِمْ سِوَى أنَّ النَّزِيلَ بِهِمْ ... يَسْلُو عَنْ الأَهْلِ والأَوْطَانِ والْحَشَمِ