للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فاضرب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ ... } [الآية: ٤٤] .

هذا القول يشير إلى قِصَّةِ يَمِينٍ حَلَفَهَا أيُّوبُ على زوجته أن يَضْرِبَها مئة ضربٍ بالقضيب لأمرٍ مَا، فأفْتَاهُ الله بأنّ باستطاعته أن يَبَرَّ بيمينه دون أن يؤذيَ زوجته، وذلك بأن يأخُذَ حُزْمةً فيها مئة قضيب من القضبان الرّفيعة جدّاً، ويَضْرِبَها بِها ضربة واحدةً تقوم في وقت واحدٍ مقام ضربها مئة مرّة.

المثال الثاني:

جاء في سورة (ص/ ٣٨ مصحف /٣٨ نزول) بعد حكاية ما أعطى الله عزّ وجلّ داود عليه السلام من مِنَحٍ وهبات، وما امتحنه به، وبعد بيان أنّ الله عزّ وجلّ قد غفر له، تأتي المفاجأة بنَصِّ كَلامِيّ مقتَطَعٍ من أحداثِ الماضي، وهو نصٌّ كان قد خاطب الله به داود عليه السلام بعد أن غفر له، فقال تعالى:

{ياداوود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض فاحكم بَيْنَ الناس بالحق وَلاَ تَتَّبِعِ الهوى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ الله إِنَّ الذين يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الحساب} [الآية: ٢٦] .

إنّ المعنَى الذهْنِي الذي يَقْتَضِيه النصّ هو عَلَى تقدير: وَبَعْدَ أنْ غَفَرَ اللَّهُ لِدَاوُد قال له: {ياداوود إِنَّا جَعَلْنَاكَ ... } .

ولكِنْ في التحليل الأدبيّ لفَنِّ حكاية الحدثِ لا يَصِحُّ تقديرُ مثل هذا الكلام، الذي قد يُلاحَظُ ذهناً بأسرع من توارد الخواطر، التي تستدعيها الأشباه والنظائر، لأنّ مثل هذا التقدير يُفْقِد المفاجأة جَمالَها الأدبيَّ، وفَنِّيَّتَها الإِبداعيّة.

بل يَنْبَغِي أن تَبْقَى المفاجأةُ كاملةً في أدائها، ليَسْتَمْتِعَ مُتَذَوِّقُ الأدب بهذا اللّون من ألوان الجمال في أساليب الكلام الرفيع.

ونظير هذا النداء المفاجئ ما جاء في سورة (النمل/ ٢٧ مصحف/ ٤٨ نزول) خطاباً لموسى عليه السلام، يقول الله عزّ وجلّ فيها:

<<  <  ج: ص:  >  >>