تسْعَ مرّات، إنْذاراً للمكذبين بيوم الدّين، وترهيباً من عذاب جهنم الذي سيلاقونه، إذا أصَرُّوا على كفرهم وتكذيبهم وماتوا على ذلك دون توبة.
ومع أنّ كلّ مرّة قد جاءت عقب توجيه إقناع بقانون الجزاء الرَّبّاني، أو إخبارٍ ببعض الأحداث التي تكون قبل يوم القيامة، أو تقديم لقَطَاتٍ من مشاهد الحساب، أو مشاهد الجزاء بالعقاب أو بالثواب، أو تحريكِ سَوْطٍ تهديدي بما سينزل بهم من عذاب أليم، فإنّ تكريرها قد جاء بمثابة فاصلةٍ ذات إيقاعٍ، فهي تُعادُ وتكرّر في السّورة بفنّيّة بديعة، ومضمونُها ممّا يستدعي حال المكذبين تكريره، إذْ فيها تَهْدِيدٌ ووَعيد، وفيهم مكابرةٌ وإصرار على الكُفْرِ عنيد، هم يكرّرون إصرارهم، والعبارة تكرّر تهدْيدِهم بالويل.
الويل: كلمة عذاب، فيها معنى الوعيد بحلول عقاب الله، وورد أنّ كلمة "ويل" اسْمٌ علم على وادٍ في جهنم.
المثال الرابع:
جاء في سورة (القمر/ ٥٤ مصحف/ ٣٧ نزول) تكرير عبارة:
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}[الآية: ١٧] .
أرْبَع مرَّات، لأنها تضمّنَت حثّاً على تَلَقّي القرآن وتدَبّره وتذكّره، فمضمونها يحمل معنًى كلّياً من كُلّيّاتِ التكاليف الدينيّة التي تتطلَّبُ طبائع النفوس تكريرها، لكثرة شرودها عنها، ورغبتها في التفلّتِ من واجباتها.
واختيرت أن تكون هذه العبارة بمثابة فاصلة ذاتِ جمالٍ فنِّي تُتْلَى بَيْنَ فِقَراتٍ من السّورة، فجاءت عقب ذِكْرِ موجز قصة إهلاك قومِ نوح عليه السلام، وعقب ذكر موجز قصة إهلاك عاد قوم هود عليه السلام، وعقب ذكر موجز قصّة إهلاك ثمود قوم صالح عليه السلام، وعقب ذكر موجز قصة إهلاك قوم لوط عليه السلام.