فاسم الموصول هو اسم مُبْهَمُ الدلالة لولا صلته الكاشفة للمراد به، والمعرَّفةُ حقّاً بما يرادُ الدلالة به عليه.
وهذا الإِبهَامُ الأوَّليُّ في اسم الموصول يُحْدِثُ في نَفْسِ المتلَقِّي تشَوُّفاً وَتَشَوُّقاً لمعرفة المراد به عن طريق صِلَته.
فهو بسبب استثارته للدّاعي النفسيّ إلى المعرفة يُعْتَبَر من أدوات البيان التي تنفتح لها أبواب النفس انفتاحاً تلقائياً فتتلقَّفُهَا بالدافع الذّاتي إلى المعرفة.
ومن هنا تَبْدُو لنا ميزةٌ خاصّةٌ لاسم الموصول لا تُوجَد في غيره، ويُضاف إلى هذه الميزة أنّ صلة الموصول قد تتضمَّن مع التعريف بالمدلول عليه به بياناً لمعانٍ مُهمَّةٍ تُؤَدَّى بكلام تامّ يَقْصِدُ المتكلّم بيانها، مع صياغتها في إطار مفردٍ هو جزء جملة، ويَقْصِدُ توصيلَها إلى من يُوجِّه له الكلام.
أمّا الدواعي البلاغيّة الخاصّة الّتي تدعو المتكلّم البليغ إلى استخدام اسم الموصول في كلامه، للتعريف بالعنصر الاسمي من عناصر أركان جملته، فهي الّتي اهتمَّ البلاغيون بالتنبيه على ما اكتشفوه منها.
وقد ذكر البلاغيُّونَ طائفةً من الدواعي البلاغيَّة لاختار اسم الموصول مِنْ ضِمْن البدائل التي تصلُح لأن تستخدم في موقعه من الجملة، دون أن يكون ما ذكروه منها حاصراً لكلّ الدواعي التي تتفَتَّقُ عنْها قرائح أذكياء البلغاء.
ومع تجاوز التقيّد بحدود المسند والمسند إليه تظهر لنا الدواعي التالية:
الداعي الأول: أَنْ لا يكون لدى منْ يتلقَّى الكلامَ عِلْمٌ بشيءٍ من المعرّفات التي تعرّف العنصر الاسميّ، أو تميّزه في الجملة عن غيره، إلاَّ اتّصافه بما دلَّت عليه صلة الموصول، فيكون اختيار الاسم الموصول في هذه الحالة أمراً لازماً لتحقيق البيان الذي يستدعيه الكلام.
كأن لا يعرف عنه المخاطب غير أنّه اشترى منه خروفاً يوم الجمعة، فيقول له