للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنه قول سيدنا إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اجعل هاذا البلد آمِناً} [البقرة: ١٢٦] .

***

الداعي الثاني: إرادة تمييز المتحدَّثِ عنه أكمل تمييز يُحْضِرُهُ في ذهْنِ المتلَقِّي، مبالغةً فِي تعيينه، وقد يحسُنُ هذا في الإِطراء، أو في الهجاء، ومعلومٌ أنّ من طبيعة دلالة اسم الإِشارة تحديد المشار إليه تحديداً ظاهراً متميّزاً عن غيره وهذا قد يكون من مقاصد المتكلّم.

أمثلة:

* قول ابن الرومي مادحاً أبا الصقر الشيباني:

هذَا أبُو الصَّقْرِ فَرْداً في مَحَاسِنِه ... مِنْ نَسْلِ شَيْبَانَ بَيْنَ الضَّالِ والسَّلَمِ

الضّال: شجر السّدر، وهو من شجر البوادي.

السَّلَم: شجر ذو شوك، وهو من شجر البوادي أيضاً.

لمّا أراد ابن الرّومي وصف أبي الصقر بأنّه فردٌ في محاسنه ذكره باسم الإِشارة ليميّزه أكمل تمييز.

* سأل رجلٌ من أهل الشام هشام بن عبد الملك عن عليّ بنِ الْحُسَيْنِ: مَنْ هو؟ وكان ذا هيئةٍ ونضارة، فتجاهله هشام، خشية أنْ يفتَتِنَ به أهْلُ الشّام، فقال الفرزذق مستخدماً اسم الإِشارة في شعره، يمدح عَلِيّ بْنَ الْحُسَيْن:

هذَا ابْنُ خَيْر عِبَادِ اللهِ كُلِّهِمِ ... هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ الْعَلَمُ

هذَا الَّذِي تَعْرِفُ الْبَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ... والْبَيْتُ يَعْرِفُهُ والْحِلُّ والْحَرَمُ

إِذَا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا ... إِلى مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الْكَرَمُ

يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانَ رَاحَتِهِ ... رُكْنُ الْحَطِيمِ إِذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ

يُغْضِي حَيَاءً وَيُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَمَا يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>