الماء، وهذا معنى بديع يضفي على الكلام زينة حلوة، ويصوّر حالة التخيّل التي تعتري الناظرين المندهشين.
إنّ هذا الأسلوب الذي هو وسط بين الأسلوب المباشر السافر، والأسلوب غير المباشر، أسلوب يتّسع لإضافة زينات أدبيّة كثيرة، تضفي على الكلام جمالاً، ورَوْنقاً وبهاءً، مع ما في هذه الزينات من أفكار ودلالات يمكن إضافتها، ومن تصوير فنّيّ بديع يمكن أنْ يقدّمه الأديب البارع عن طريقها.
الأسلوب غير المباشر:
والأسلوب غير المباشر يكون بالتعبير عن فكرة لتفهم معها فكرة أخرى، عن طريق اللّوازم العقلية القريبة، أو متوسّطة القرب، أو البعيدة، أو شديدة البعد.
وهذه الفكرة الأخرى إنّما يريد المتكلّم الإِشارة إليها من طرف خفي، ولا يريد التعبير عنها بأسلوب مباشر، لغرض بياني أو غرض تربوي، أو أي غرض آخر يقصده البلغاء.
فمع ما في هذا الأسلوب من دلالة على ذكاء من يستعمله، ومع ما فيه من مجال واسع لتفنّن أدبي لا حصر له من قِبَل نوابغ الأدباء، وعباقرة البلغاء والشعراء، فهو مجال لتحقيق أغراض كثيرة، منها الأغراض التالية:
(١) عدم مواجهة المخاطبين بما يراد إعلامهم به لدواع تربوية، أو لدواع نفسية، كعدم المواجهة بالتكليف، وعدم المواجهة بالنّقْد، وعدم المواجهة بالعتاب، وعدم المواجهة بالتلويم، وغير ذلك.
(٢) إرضاء نفس من يخاطب به، إذ يشعر بأنّه محترم مقدّر مِنْ قِبَل من يخاطبه، فهو في نظره من مستوى الأذكياء وكبراء القوم الذي يخاطبون بإشارات الكلام وكناياته، ولا يحتاجون إلى صريح القول.
(٣) إخفاء المراد على جمهور المستمعين، وإشعار المخاطب وحده بالرمز، لأغراض سياسيّة، أو عسكريّة أو تربويّة، أو نحوها.