للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لذلك، ولكون أصلها ذلك، لزمتها الفاء في حيِّزها.

الثالث في أصلِها: أصلُها: "أمَّا بعدُ" بدليلِ لزومِ الفاءِ في حيِّزِها؛ لتضمُّن "أمَّا"، معنى الشرطِ "الأصل مهما يكن مِن شيء بعد"، لما ذكر ياسين في تفسير: أمَّا زيدٌ فذاهبٌ: مهما يكن مِنْ شيءٍ بعدُ فزيدٌ ذاهب، فأفادَ بهذا التفسيرِ أنَّ "أمَّا" دالةٌ على الشرطِ والتأكيدِ، ولهذا قال الزمخشريُّ: فائدة "أمَّا" في الكلام أن تعطيه فضلَ توكيدٍ تقولُ: زيدٌ ذاهبٌ، فإذا قصدتَ توكيدَه، قلت: أمَّا زيدٌ فذاهب. فـ "مهما" اسمُ شرطٍ جازمٍ يجزِمُ فعلين، الأولُ: فعلُ الشرطِ، والثاني: جوابُه وجزاؤُه، وهو في محل رفعِ مبتدأ، والاسميَّةُ لازمةٌ له، و"يكنْ"، فعلُ الشرطِ، وهو الخبرُ على الصحيحِ، واللازمُ له الفاءُ في الجواب غالبًا (١).

ولمَّا تعذَّرَ وجودُ الاسميَّةِ في "أمَّا"؛ لتعيين حرفيَّتِها، أقاموا لُصوقَها للاسمِ الذي هو "بعد" -أي: وقوعُه بعدَها بلا فاصلٍ-مقامَ الوجودِ بالفعل، وهذا معنى قولهم في الجملة، واعترضَ على لصوقِ الاسمِ بقولِه تعالى: ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [الواقعة: ٨٨]، وأجاب السعدُ: بأنَّ التقديرَ: فأمَّا المتوفَّى، فالاسمُ لاصق تقديرًا، ومعنى تضمُّنِ "أمَّا" معنى الشرطِ، دلالتُها عليه، وأما تضمُّنُها معنى الابتداءِ، فلم يظهرْ له معنًى، إلَّا أنْ يُرادَ به الوقوعُ موقعَه بعدَ جعل المصدرِ بمعنى اسمِ المفعول، والإضافةُ بيانيَّةُ أيِّ معنى هو الابتداء.

"يؤتى بها للانتقالِ من أسلوبٍ … إلخ" أي: مِنْ نَمطٍ وغرضٍ إلى نمطٍ وغرضٍ "آخرَ"، أي: مِنْ كلامٍ.

(لذلك) أي: للانتقال من أسلوبٍ إلى آخر.

(في حيِّزها) غالبًا، أي: في حيِّز قربِها؛ لعدم تأتِّي الشيءِ في حيِّز غيرِه مع وجوده فيه؛ لأنَّ حيِّزَ الشيءِ معناهُ: المكانُ الذي استقرَّ فيه ذلكَ الشيءُ وكان مشغولًا بهِ، والمشغولُ


(١) "الكشاف" للزمخشري ١/ ٢٦٦، و"مغني اللبيب" لابن هشام ص ٨٢، و"شرح المفصل"، لابن يعيش ٩/ ١١.