للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكان وأصحابُه يأتون بأصلها، وهو "أما بعد" في خُطَبهم (١) .........

أسماءِ النكراتِ، فتقول: جئتُكَ بَعْدٌ، أو مِن بَعْدٍ.

وإذا حُذف ما تضاف إليه ونُوي معناه دون لفظه -أي: معنى ما تقدَّم بقَطْع النظرِ عن اللفظِ- فتبنى حينئذٍ على الضَّمِّ، كقراءةِ السبعةِ: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ (٢) [الروم: ٤] فبعدُ: ظرفٌ مبنيٌّ على الضَّمِّ؛ لافتقارِه إلى لفظِ المضافِ إليه بنيَّةِ معناهُ دون لفظِه، والعاملُ فيها "يكن"، فهي من معمولاتِ الشرطِ على الصحيحِ، أي: عامل فيها، وقال ياسين: العاملُ فيها "أمَّا" المقدَّرةُ بعد الواوِ؛ لنيابتِها عن فعل واسمه، أي: العامل فيها "أمَّا"، التي نابت عنها الواوُ؛ لنيابتها عن فعلِ الشرطِ وهو "يكنْ" كما نابت عن أداة الشرط وهي "مهما"، والأصلُ: مهما يكن مِن شيءٍ بعدُ (٣) إلى آخر ما تقدَّم.

وإذا بُنيت على الضمِّ، يُنال عنها ثلاثةُ أسئلةٍ؛ لأن الاسمَ إذا بُني على حركةٍ يُسْأَل ثلاثةُ أسئلةٍ، فيقال: لِمَ بُني، ولِمَ حُرِّكَ، ولِمَ كانت الحركةُ كذا؟

فيُجاب: إنَّما بُنيت "بعدُ"؛ لمشابهتِها الحرفَ في الافتقارِ، وإنما بُنيت على حركةٍ؛ تخلُّصًا من التقاءِ الساكنين، وإنَّما كانت الحركةُ ضمَّةً؛ جبرًا لها عمَّا فاتَها مِن الإضافةِ بأقوى الحركاتِ، وهو الضمُّ (٤).


(١) أما ما روي عنه فأخرجه البخارى (٩٢٢) و (٩٢٣) و (٩٢٤) و (٩٢٥) و (٩٢٦) و (٩٢٧)، ومسلم (٧٦١)، وينظر "فتح الباري" ٢/ ٤٠٢ - ٤٠٦.
وأما ما روي عن أصحابه فمنهم أبو بكر وتنظر خطبته في فتوح الشام للواقدي ١/ ١٣، وعثمان ابن عفان وتنظر خطبته في "تاريخ الطبري" ٥/ ١٤٩، وغيرهم كثير، ينظر "جمهرة خطب العرب"، لأحمد صفوت ١/ ١٤٧ وما بعدها.
(٢) في حين قرأ أبو السَّمَّال والجحدري وعون العقيلي: من قبلٍ، ومن بعدٍ، بالكسر والتنوين فيهما. "البحر المحيط" ٧/ ١٦٢.
(٣) "شرح الدماميني على مغني اللبيب" ١/ ١٢٣.
(٤) "شرح المفصل" لابن يعيش ٤/ ٨٦.