للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال، عند قولِ شيخ الإسلامِ: وبعد: وأتى بها اقتداءً بغيرِه، وقد كان النبيُّ يَأتي بأصلِها في خُطَبه، وهو: "أما بعد"؟

أُجيب: بأنَّ اقتصارَ بعضِ المصنِّفين كالمصنِّف على "وبعد"؛ إمّا للاختصارِ، أو لأنَّهم فَهموا أنَّ المدارَ على لفظِ "بعد" لا على لفظِ "أما"، فأَتوا بالواو مكانَها.

واختُلف في أوَّل مَن تكلَّم بها؟ فقيل: قسُّ بنُ سَاعِدة (١)، وقيل: يَعرُبُ بنُ قَحطانَ (٢)، وقيل: إنَّها فصلُ الخطابِ الذي أُوتيَه داودُ (٣)، قال اللهُ تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٠]، وقد نظم ذلك بعضُهم فقال:

جَرى الخُلْف أمَّا بعد مَن كان قائِلًا … لها خمسُ أقوالٍ وداود أقربُ

وكانت له فَصْلَ الخطابِ وبعدَه … فقُسٌّ فسحبانٌ فكعبٌ فيعربُ (٤)


(١) هو: قُسُّ بنُ ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك، من بني إياد: أحد حكماء العرب، ومن كبار خطبائهم ويقال: إنه أولُ عربي خطب متوكئًا على سيف أو عصا، وأول من قال في كلامه: "أما بعد"، وأدركه النبي قبل النبوة، وقال في شأنه: "يحشر أمّة وحدَه". (ت ٢٣ ق هـ). "خزانة الأدب" للبغدادي ٢/ ٨٩، "معجم الشعراء" للمرزباني ص ٢٢٢.
(٢) هو: يعرب بن قحطان بن عابر، أحد ملوك العرب في جاهليتهم الأولى، يوصف أنه من خطبائهم وحكمائهم وشجعانهم، وهو أبو قبائل اليمن كلها، وبنوه العرب العارية، وقيل: إنه أوّلُ من قال الشعر ومدح ووصف وقَصَّ وَشبّب، مات بصنعاء بعد أبيه بنحو ثلاثين عامًا. "تاريخ ابن خلدون" ٢/ ٤٧، "الأعلام" ٨/ ١٩٢.
(٣) أخرجه ابن أبي عاصم في "الأوائل" (١٩١)، والطبراني في "الأوائل" (٤٠) عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا، قال ابن حجر في "فتح الباري" ٢/ ٤٠٤: وفي إسناده ضعف ا. هـ. وأخرج الطبري في "تفسيره" ٢٠/ ٥١ عن الشعبي في قوله: ﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٠] قال: قول الرجل: أمَّا بعدُ.
(٤) نسبها الرحيبانيُّ صاحب "مطالب أولي النهى" ١/ ١٨ الى الشمس الميداني، ولعله شمس الدين، محمد بن محمد بن يوسف الميداني، وهو فقيه، أصله من حماة، ومولده في الميدان بدمشق، له: "حاشية على شرح التحرير" في فقه الشافعية. (ت ١٠٣٣ هـ). "خلاصة الأثر" ٤/ ١٧٠، "الاعلام" =