للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بمعنى الصحابي، وهو مَن اجتمع بالنبيِّ ولو لحظةً، وإن لم يَرَهُ ولم يرْوِ عنه، مؤمنًا

دلالةَ المفرَدِ على جملةِ أجزاءِ مسمَّاه. والجمعُ: ما وُضع لمجموعِ الآحادِ المجتمعةِ دالًّا عليها دلالةَ تَكرارِ الواحدِ بالعطفِ. أشموني في خاتمة جمع التكسير (١).

(بمعنى الصحابي) أي: إنَّ "صاحبَ" ليس المرادُ به معناه الأَصلي مِن أنَّه مَن طالَتْ معاشرتُه واجتماعُه، وإنما المرادُ به الصَّحابيُّ الذي هو مَنِ اجتَمع … إلخ.

(وهو) أي: الصَّحابيُّ في مَقامِ الدعاءِ، بأَنْ أُريد تعريفُ حقيقةِ الصحابيِّ، أي: مَن يصحُّ أَنْ يُطلَق عليه اسمُ الصحابيِّ، فلا حاجةَ إلى زيادةِ: وماتَ على ذلك، فكان الأوْلى زيادةُ: "وهو هنا"، وإسقاط: وماتَ على ذلك.

(مَن اجتمعَ) في تعبيرِه بـ: "اجتمعَ" إشعارٌ باشتراطِ اتِّصافه بالتمييزِ حين اللقاءِ، والمعتمدُ أنَّه لا يُشتَرط التمييزُ، فالأَولى أنْ يعبِّر بالنفي؛ لأنَّه أقلُّ إيهامًا مِن هذا، ودفَع ذلك الشارحُ بقولِه: "ولو لحظة" فَلَم تُشتَرط الإطالةُ في اجتماعِه بالمصطفى ، هذا هو الصحيحُ مِن الخلافِ فيه، بخلافِ التابعيِّ وهو صاحبُ الصحابيِّ، فلا بُدَّ فيه من الطُّول من الأَخذِ.

والفرقُ أنَّ (٢) الاجتماعَ به ولو لحظةً يؤثِّر مِن النورِ القلبيِّ أضعافَ ما يُؤثِّرُه الاجتماعُ بالصحابيِّ، ولهذا كانَ الأعرابيُّ الجِلْفُ بمجرَّد اجتماعِه به يَنطِق بالحكمةِ لوقتِه، ببركةِ طلْعتِه الشريفةِ ، ومن ذلك كانت تربيتُه للصَّحابةِ، فكانوا يستغنونَ برؤيةِ طلعتِه الشريفةِ عن كلِّ رياضةٍ ومجاهَدةٍ، ويَنتفعون بأنوارِ طَلعته السعيدةِ أكثرَ ما يَنتفعون بالأذكارِ في مدَّة مديدةٍ، ولهذا كانت درجةُ الصُّحبةِ لا تُضاهى، والمرادُ بالاجتماعِ المتعارَفُ، وهو: أن يكونَ بالأبدانِ في عالَم الدنيا لا ما وَقَع على سبيلِ خَرْقِ


(١) في" شرحه على ألفية ابن مالك" ٤/ ١٢٧ (بهامش حاشية الصبان).
(٢) في الأصل: (و)، ولعل الصواب ما أُثبت.